للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها، فقال في قوله تعالى: {أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} (١) تقدم التعليق عليه.% فنقل آخره له (٢) [هود: ٨٧].% مسلك عجيب، وتقريره أن الأمر كما عرفناك فيما سلف حقيقة في اللفظ الطلبي، وإن ورد بلفظ خبري فهو- سبحانه- قد نبه على أنهم استنكروا على شعيب مستهزئين به حيث جاءهم بشيء يأمرهم بترك العبادة للأصنام، والنهي في اصطلاح القوم هو القول الإنشائي الدال على طلب ترك


(١) [الإسراء: ١٦].% ما لفظه: فإن قلت: هلَّا زعمت أن معناه أمرناهم بالطاعة ففسقوا. قلت: لأن حذف ما لا دليل عليه غير جائز، فكيف بحذف ما الدليل قائم على نقيضه، وسار كلامًا بديعًا.
(٢) في المخطوط (وفنقلة آخره لها) والصواب ما أثبتناه.% إلمام بما نحن فيه، وذكر أن الله يأمر بالقسط فكيف يقال [٣] أنه أمر بالفسق! ورد على من قدر لقيام الآيات، وانتصر بأن ذلك هو الظاهر من مساق لغة العرب، مع أن الآيات كانت في كلامه صالحة لصرف المعنى عن الأمر بالفسق، فلذا عدل إلى المجاز، ولم يصر إلى تلك الآيات الصريحة.
وكلامنا هنا مثله، فإن الأمر هنا علق به {ألا تعبدوا} كما أنه علق ففسقوا بالأمر، والقصد التنبيه على دفع التقدير، وإنما أوردنا كلام العلامة هنا لدفع التقدير، لا لأن الآيتين من قبيل واحد في متعلقهما؛ لأن هذا الأمر متعلقه النهي القائم مقام الأمر، والدال عليه. والآية التي ساقها العلامة متعلقها ما دل عليه قوله: {ففسقوا} فقد أرشد إلى أن (أمر) هو الأمر الطلبي. وبالله التوفيق.
ثم لنا في الاحتجاج بالآية الآخرة التي فتح بها، وهي قول الله- عز وجل-: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}