للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما وضعت له، لأن السماء حيوان يعقل له عقل ونفس، وهكذا الأجرام العلوية كالشمس والقمر والكواكب، وعلل بأن السماء محل الفيض والفيض إلى العالم السفلي بواسطتها، ولا يقع الفيض إلا بواسطة ما يعقل، وما تكلفه المفسرون وغيرهم من تأويل إطلاق ما عليها، وأنها مما لا يعقل، وتأويل ما أشبهها مثل قوله- جل وعلا- حكاية لقول يوسف- على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام-: {والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} (١) كون هذا الجمع مختصًّا بمن يعقل لا أصل له (٢)، فإنهم لم يرزقوا توفيقًا يدركون به حقائق الأشياء كما هي عليه.

هذا مضمون ما أورده [ .... ] (٣) لأحد بما سبق عبر على ذهن بعضنا


(١) [يوسف: ٤].
(٢) قال الرازي في تفسيره (١٨/ ٨٦ - ٨٧): «قوله: {رأيتهم لي ساجدين} فقوله: {ساجدين} لا يليق إلا بالعقلاء، والكواكب جمادات، فكيف جازت اللفظة المخصوصة بالعقلاء في حق الجمادات.
قلنا: إن جماعة من الفلاسفة الذين يزعمون أن الكواكب أحياء ناطقة احتجوا بهذه الآية وكذلك احتجوا بقوله: {وكل في فلك يسبحون} والجمع بالواو والنون مختص بالعقلاء، وقال الواحدي: إنه تعالى لما وصفها بالسجود صارت كأنها تعقل فأخبر عنها كما يخبر عمن يعقل كما قال في صفة الأصنام: {وتراهم ينظرون إليك وهو لا يبصرون} وكما في قوله تعالى: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}».
وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (١٢/ ١٧٩ - ١٨٠).
قال محيي الدين الدرويش في «إعراب القرآن الكريم» (٤/ ٤٥١): «في قوله تعالى: {ساجدين} أجرى الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر مجرى العقلاء وهو الذي يسميه النحاة تغليبًا وهذا الوصف صناعي، أما السر البياني فأمر كامن وراء هذا الوصف؛ ذلك لأنه وصف الكواكب والشمس والقمر بما هو خاص بالعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة وهذا كثير شائع في كلامهم».
(٣) ثلاث كلمات غير مقروءة في المخطوط.