للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبدخول قول من قال إنه يتعلق بالماهية ملحوظًا معها الأفراد الخارجية هو أن متعلق الأمر عند الأوليين الماهية التي ينتقل الذهن منها إلى أفراده، ومتعلقه عند الآخرين هو الماهية مع الإفراد؛ لأن ملاحظة الشيء مع الشيء يستلزم أن يكونا جميعًا متعلق ما وقع عليهما، أو عرضا له، فوجب بهذا أن الأولين يجعلون المتعلق بنفس الماهية المطلقة المستلزمة لإفرادها ثانيًا، والآخرين يجعلون المتعلق مجموع الماهية وأفرادها، وهذا خلاف معقول لا خلاف لفظي (١).

وأما ما استطرده السائل- كثر الله فوائده- من كلام التاج السبكي (٢) ووالده التقي- رحمهما الله- فالأقرب ما قاله الوالد لا الولد، والبحث طويل الذيل، كثير الشعب. وقد جمعت فيه رسالة مستقلة استوفينا فيها ما قاله أهل العلم في هذا البحث، وما هو الصواب، ومع العود إلى الوطن- إن شاء الله- نرسلها إلى السائل.

وأما ما سأل عنه السائل- عافاه الله- من مقالة العلامة ابن دقيق العيد (٣) - رحمه الله- أن أعراض الناس حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام.

فلعله يريد المتساهلين في البحث والفحص عن أسباب الجرح من الطائفتين، وأما من قام في مقام التحري، وبالغ في الكشف والفحص، ووقف في موقف الإنصاف فهو حقيق بأن يقال فيه: إنه وقف بهتكه لأستار الكذابين، وتمزيقه لأعراض الوضاعين [٦ ب] وإشهار فضائحهم وقبائحهم على رءوس الأشهاد، وعلى عرصات الجنة، وفي روضات الفردوس، وكيف لا يكون كذلك وقد ذبوا عن سنة رسول لله، وذادوا عها الكذابين، وصفوها عن شوب كدر الكذب، وقذر الوضع، وجالوا بينها وبين الزنادقة


(١) انظر: بداية الرسالة.
(٢) تقدم ذكره.
(٣) في «الاقتراح» (ص ٣٠٢).