للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجواب]

أقول: الكلام على حديث عبد الله بن عكيم (١) إعلالًا، واضطرابًا، وتحسينًا،


(١) وفي المسألة سبعة أقوال:
- قيل: لا يطهر الدباغ شيئًا وهو مذهب الهادوية ومجموعة من الصحابة مستدلين حديث عبد الله بن عكيم حيث قالوا: فهذا ناسخ لحديث ابن عباس لدلالته على تحريم الانتفاع من المستة بإهابها وعصبها.
- وفي الحديث أقوال منها:
- أنه حديث مضطرب في سنده، فإنه روي تارة عن كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتارة عن مشايخ من جهينة، وتارة عمن قرأ كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومضطرب أيضًا في متنه، فروي من غير تقييد في روية الأكثر، وروي بالتقييد بشهر أو شهرين، أو أربعين يومًا أو ثلاثة أيام، ثم إنه معل أيضًا بالإرسال فإنه لم يسمعه عبد الله بن عكيم منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبالانقطاع فإنه لم يسمعه عبد الرحمن بن أبي ليلى من ابن عكيم، ولذلك ترك أحمد بن حنبل القول به آخرًا وكان يذهب إليه أولًا كما قال به الترمذي.
- أنه لا يقوى على النسخ؛ لأن حديث الدباغ أصح، فإنه قد روي من طرق متعددة في معناه عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة- سيأتي. ولأن الناسخ لا بد من تحقيق تأخره، ولا دليل على تأخر حديث ابن عكيم، ورواية التاريخ فيه بشهر أو شهرين معلة، فلا تقوم بها حجة على النسخ على أنها لو كانت رواية التاريخ صحيحة ما دلت على أنه آخر الأمرين جزمًا، ولا يقال: فإذا لم يتم النسخ تعارض الحديثان، حديث ابن عكيم وحديث ابن عباس ومن معه، ومع التعارض يرجع إلى الترجيح أو الوقف؛ لأنا نقول لا تعارض إلا مع الاستواء، وهو مفقود كما عرفت من صحبة حديث ابن عباس، وكثرة من معه من الرواة، وعدم ذلك في حديث ابن عكيم.
- بأن الإهاب كما عرفت، اسم لما لم يدبغ في أحد القولين، وقال النضر بن شميل: الإهاب لما لم يدبغ، وبعد الدبغ يقال له: شن وقربة، وبه جزم الجوهري. قيل: فلما احتمل الأمرين، وورد الحديثان في صورة المتعارضين، جمعنا بينهما بأنه نهى عن الانتفاع بالإهاب ما لم يدبغ، فإذا دبغ لم يسم إهابًا، فلا يدخل تحت النهي.
- وقيل: يطهر جلد الميتة المأكول لا غيره، ويرده عموم «أيما إهاب».
- وقيل: يطهر الجميع إلا الخنزير إلا الخنزير، فإنه لا جلد له، وهو مذهب أبي حنيفة.
- وقيل: يطهر إلا الخنزير لقوله: {فإنه رجس} [الأنعام: ١٤٥] والضمير للخنزير فقد حكم برجسيته كله، والكلب مقيس عليه بجامع النجاسة وهو قول الشافعي.
- وقيل: يطهر الجميع لكن ظاهره دون باطنه فيستعمل في اليابسات دون ويصلي عليه، ولا يصلي فيه، وهو مروي عن مالك جمعًا منه بين الأحاديث التي تعارضت.
- وقيل: ينتفع بخلود النية باطنه وظاهره، ولا يخص منه شيئًا، عملًا بطاهر حديث ابن عباس وما في معناه «المغني» (١/ ٨٩ - ٩٢)، «البناية في شرح الهداية» (١/ ٣٦٣ - ٣٦٤).