للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الميتة أكلها» (١) فلو لم يرد إلا هذان الحديثان فقط لكان المستفاد منهما جميعًا تحريم فلو لم يرد إلا هذان الحديثان فقط لكان المستفاد منهما جميعًا تحريم، فلو لم يرد إلا هذان الحديثان فقط لكان المستفاد منهما تحريم أكل الميتة من غير فرق بين لحم، وعظم، وجلد، وعصب، وغير ذلك. وجواز الانتفاع بها في غير الأكل (٢) إلا فيما كان منها من العصب والجلد، فإن لا يجوز الانتفاع بهما في شيء من وجوه الانتفاع كائنًا ما كان.

وأما قياس بقية أجزاء الميتة على هذين الجزئين، وجعل القياس مخصصًا لذلك المفهوم مما لا تطمئن به النفس، ولا ينثلج له الخاطر وإن قال بجواز التخصيص بمثل هذا القياس جماعة من أئمة الأصول.

فإن قلت: فما وجه اقتصاره- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- على هذين الجزئين في النهي عن الانتفاع بهما، مع أن للميتة أجزاء غيرهما؟.

قلت: هكذا ورد الشرع فقف حيث وقف بك، ودع عنك لعل وعسى ونحوهما.

فإن قلت: لا بد من ذلك، فقد يقال: لعل وجه التنصيص عليهما دون أن العرب كانت تنتفع بهذين النوعين من الميتة، فيأخذون الإهاب للانتفاع به مدبوغًا،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) قال ابن قيم الجوزية في «تهذيب السنن» (١/ ٦٧ - ٦٨ - المختصر): « ... وطائفة عملت بالأحاديث كلها، ورأت أنه لا تعارض بينها، فحديث ابن عكيم إنما فيه النهي عن الانتفاع بإاب الميتة , والإهاب: الجلد الذي لم يدبغ وأحاديث الدباغ تدل على الاستمتاع بها بعد الدباغ فلا تنافي بينها».
ثم قال رحمه الله: «وهذه الطريقة حسنة، لولا أن قوله في حديث ابن عكيم: كنت رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا أتاكم كتابي ... والذي كان رخص فيه هو المدبوغ، بدليل حديث ميمونة».
ثم أجاب عن هذا الحديث بوجهين:
أحدهما: أن في ثبوت لفظه: «كنت رخصت لكم» شيئًا، فهي ليست عند أهل السنن في هذا الحديث
. انظر: «نصب الراية» للزيلعي (١/ ١٢٠ - ١٢٢). «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٩٤).