للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت هذه الكلية الأولى.

الكلية الثانية: أن أكل الميتة حرام من غير فرق بين جميع أجزائها.

الكلية الثالثة: أن بيعها حرام من غير فرق.

فهذه الثلاث الكليات قد اتفقت عليها الأدلة [٣أ]، ولم يختلف أصلًا.

وإنما الخلاف في مجرد الانتفاع بالميتة في غير الأكل والبيع، فحديث: «إنما حرم من الميتة أكلها» (١) دل على جواز الانتفاع بها في غير الأكل والبيع. وحديث عبد الله بن عكيم فيه النهي عن الانتفاع بالإهاب والعصب فكان هذا الحديث مخصصًا لما يقيده مفهوم حديث: «إنما حرم من الميتة أكلها» من العموم كما قدمنا. ولا يجوز إلحاق غيرهما بهما لما عرفناك سابقًا.

وإياك أن تغتر بما وقع في بعض كتب الفروع من أن نجاسة الشيء فرع تحريمه، فإن ذلك كلام باطل، ودعوى محضة (٢)


(١) تقدم تخريجه.
(٢) قال الشوكاني في «النيل» (١/ ٨٨ - ٨٩): وأكثر أهل العلم على أن الدباغ مطهر في الجملة لصحة النصوص به، وخبر ابن عكيم لا يقاربها في الصحة والقوة لينسخها، قال الترمذي في «السن» (٤/ ٢٢٢): سمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: هذا آخر أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ترك أحمد هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال: عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ من جهنية».
فائدة: يجوز استعمال المدبوغ. بلبسه والصلاة فيه، والصلاة عليه أو ملئه بالماء بجعله قربةً أو دلوًا للشرب أو الوضوء منه لأن الدباغ يطهر ظاهره وباطنه.
((البناية في شرح الهداية» (١/ ٣٥٩).
قال الأمير الصنعاني في «سبل السلام» (١/ ١٥٨): وأما النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرمً ولا عكس، وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملابستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها بخلاف الحكم بالتحريم. فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورةً شرعية وإجماعًا، فإذا عرفت هذا فتحريم الخمر والحمر الذي دلت عليه النصوص لا يلزم منه نجاستها، بل لابد من دليل آخر عليه، إلا بقينا على الأصل المتفق عليه من الطهارة فمن ادعى خلافه فالدليل عليه.