وقال ابن الصلاح في علوم الحديث (ص٧٠): أن ما تفرد به الراوي إن كان مخالفًا لما رواه من هو أحفظ منه وأضبط كان شاذًا مردودًا، وإن لم يكن مخالفًا لما رواه غيره بأن لم يروه سواه فإن كان هذا الراوي حافظًا ضابطًا موثوقًا به عدالة، وإتقانًا قبل ما تفرد به، ولم يحطه ذلك عن درجة الصحيح كما تقدم من الأمثلة، وإن لم يبلغ الراوي هذه الدرجة كان تفرده منحطًا عن درجة الصحيح تارة يكون الراوي غير بعيد عن درجة الحافظ الضابط المتقن فيكون ما تفرد به حسنًا وتارة يكون بعيد عن ذلك لا يحتمل منه مثل هذا التفرد فيكون الحديث ضعيفًا مردودًا، وربما بلغ إلى حد النكارة». وانظر «البرهان» (١/ ٥٧٧ - ٥٧٨)، «المستصفي» (١/ ١٤١). (٢) وهو ما استدل به الحنيفة على رد خبر الواحد إذ كان مما تعم فيه البلوى خلافًا للجمهور من أئمة الحديث والأصول والفقه. ووجه الاستدلال منه أن حكم الصلاة مما تعم به البلوى وتتوفر الدواعي للسؤال عن حكمها خصوصًا للصحابة رضي الله عنهم، لما كانوا عليه من الاهتمام بأمور الذين. فلما انفرد ذو اليدين بأخباره بالسهو ولم يقبل منه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمجرده حتى استثبت من بقية الحاضرين، دل على أن انفراد الواحد فيما تعم به البلوى غير مقبول. وجواب هذا ما تقدم في المسألة: أن التوقف إنما كان لشذوذه عن الجماعة وكون الذي أخبر به فعلًا يتعلق بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم بالمعارضة بالأدلة الدالة على قبول خبر الواحد على الإطلاق من غير فرق بين ما تعم به البلوى وغيره، وبإجماع الصحابة على قبولهم خبر الواحد فيما تعم به البلوى، كقولهم حديث عائشة- رضي الله عنها- في الغسل من التقاء الختانين، وحديث رافع بن خديجة في المحايرة. ثم بالنقض عليهم بقبولهم خبر الواحد في وجوب الوتر والوضوء من خروج الدم والقهقهة، وغير ذلك مما تعم به البلوى، ولا مدفع لهم عن هذا الإلزام.