للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى (١).

قلت: وقد أوضحت فساد ما زعمه القائلون بالتوقيف في بحث طويل، وأبنت أن ذلك من الجهل بالكيفيات التي كان عليها الصحابة في تلاوة القرآن وكتابته.

الوجه الرابع: الإجماع قائم على أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي يقرأها في الأولي. حكى هذا الإجماع القاضي عياض (٢)، فذلك القائل بأنه يكره مخالف للإجماع.

وأما ما سأل عنه السائل - كثر الله فوائده - من قوله: هل على التسبيح والثالثة والاخريين أثارة؟.

فأقول: أما من كان يحسن الفاتحة وحدها، أو مع زيادة عليها فلا أثارة من علم قط على أنه يدع الفاتحة، ويعدل التسبيح، ولا أدري كيف وقع لبعض أهل العلم التخيير في الركعتين الأخريين بين الفاتحة وهذا التسبيح! فإن الأدالة الواردة في هذا التسبيح مقيدة بمن لا يحسن القراءة كحديث رفاعة بن رافع أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - علم رجل الصلاة فقال: "إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله، ثم اركع" أخرجه أبو داود (٣)، والترمذي (٤) وحسنه، والنسائي (٥).

فهذا كما ترى مقيد بعدم كون مع الرجل قرآنا، وكذلك حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فقال: إني لا استطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني فقال: " قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله


(١) كلام القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم " (٣).
(٢) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم " (٣).
(٣) في "السنن" رقم (٨٦١).
(٤) في "السنن" رقم (٣٠٢).
(٥) في "السنن" (٢ رقم ١٠٥٣).