من ذلك البحث. وقد حاول جماعة ضبط ما في عبارة الأزهار، واختصارها فقال في هامش الهادية: وضابطه أن قدر القامة أي الأربعة لا يفسد لا في المسجد ولا في غيره، وما فوقه إن كان في غير المسجد أفسد لها في ارتفاع [٢ب] المؤتم. انتهي.
ولا يخفى عليك أن هذا الضابط هو مثل حروف الأزهار مرتين أو أكثر مع أنه لم يذكر فيه الأربعة التي هي الارتفاع، والانخفاض، والبعد، والحائل كما في الأزهار، إنما قال من أي الأربعة، وهي محتاجة إلي التفسير. ولو صرح بها ما تم الضابط إلى في مثل ما في الأزهار من الحروف بزيادة على ما تقدم. وقال الجلال في ضوء النهار مصوبا لعبارة الأزهار بما هو أخص وأسلم عنده ما لفظه: ولو قال يفسد ببعد في غير المسجد فوق القامة إلي ارتفاعا للمؤتم لكان أقل وأدل. انتهى.
ولا يخفى عليك أن كلامك هذا ليس فيه إلا الحكم بأن البعد فوق القامة في غير المسجد يكون مفسدا لارتفاع المؤتم، وليس فيه جواز قدر القامة، وفوقها في المسجد، فليس في عبارته ما يفيده الحصر حتى يستفاد منها كون غير ما حصره غير مفسد.
ثم لو سلمنا أن مفهوم عبارته دتل على ذلك فغايته أن الارتفاع قدر القامة وفوقها في المسجد لا يكون مفسدا، فمن أين الفساد كما في مخالفة الأمر، فإنما ليست بمقتضية الفساد، بل المقتضى للفساد دليل خاص، وهو ما يؤثر عدمه في العدم، كالشرط أو ما كان جزءا للماهيه كالركن، ومع هذا فقد عبر عن الارتفاع والانخفاض والحائل والبعد بلفظ البعد، وهو وإن كان كل ذلك يصدق عليه البعد لغة لكن لا يخفى أنه لا يتبادر الارتفاع والانخفاض من لفظ البعد، لكون العرب قد وضعت هذا الاسم الخاص. والإيضاح في المصنفات مع التطويل [٣أ] أولى من الأبهام مع الاختصار.
وقد جاء مؤلف الأثمار بعبارة أخص من عبارة الحلال، وأسلم من الخلل فقال ما