للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحقية مذهب السلف الصالح، وهو قولهم بإثبات ما أثبته لنفسه من الصفات على وجه لا يعلمه إلا هو، فإنه القائل: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (١). ومن جملة الصفات التي أمَرَّهَا السلف على ظاهرها، وأجروها على ما جاء به القرآن والسنة من دون تكليف ولا تأويل: صفة الاستواء التي ذكرها السائل، فإنهم يقولون: نحن نثبت ما أثبته الله لنفسه من استوائه على عرشه، على هيئة لا يعلمها إلا هو، وفي كيفية لا يدري بها سواه، ولا نكلف أنفسنا غير هذا، فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا يحيط عباده به علما.

وهكذا يقولون في مسألة الجهة التي ذكرها السائل، وأشار إلى بعض ما فيه دليل عليها، والأدلة في ذلك طويلة كثيرة في الكتاب والسنة. وقد أجمع أهل العلم منها لا سيما أهل الحديث مباحث طولوها بذكر آيات قرآنية، وأحاديث صحيحة.

وقد وقفت من ذلك على مؤلف (٢) بسيط في مجلد جمعه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي (٣) رحمه الله استوفى فيه كل ما فيه دلالة على الجهة من كتاب، أو سنة


(١) [الشورى: ١١]
(٢) وهو كتاب " العلو للعلي الغفار " للذهبي.
وقد اختصره المحدث الألباني مقتصرا على الصحيح منه.
ومثله: كتاب" إثبات صفة العلو" للإمام أبي محمد عبد الله بن قدامة المقدسي. كتاب "علو الله على خلقه " للدكتور موسى بن سليمان الدويش.
(٣) هو الإمام الحافظ، مؤرخ الإسلام: شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الفارقي الشافعي الدمشقي الشهير بالذهبي.
ولد في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ في قرية كفر بطنا في غوطة دمشق، ونشأ الذهبي في أسرة علمية متدينة اعتنت بإرساله إلى مشايخ دمشق المشهورين، وقد توجه اهتمامه إلى علم القراءات والحديث، ووصل إلى مصر والشام وزار أكثر المدن لتلقي العلم حتى ضرب بعلمه المثل.
تولى الذهبي عدة وظائف علمية في دمشق شملت الخطابة والتدريس والمشيخة في كبريات دور الحديث ولم تشغله هذه الوظائف عن البحث والتأليف، بل ترك ثروة علمية عظيمة من أهمها:
تاريخ الإسلام الكبير ويقع في تسعة وأربعين مجلدا، وسير أعلام النبلاء ويقع في (٢٥) مجلدا، وميزان الاعتدال ويقع في (٤) مجلدات.
توفي في ليلة الاثنين (٣) ذو القعدة سنة ٧٤٨ هـ ودفن بمقابر باب الصغير بدمشق.
الأعلام للزركلي
(٥/ ٣٢٦).