للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبعد: فإنه وقعت مذاكرة فيمن أدرك من الجمعة ركعة، هل يتمها ظهرا بتكميلها أربعا أم يتم ذلك جمعة، ويضيف إليها ركعة أخرى كما هي منصوص عليه في بعض الأحاديث؟ فخطر في البال ذكر المسألة تبركا ونقل ذلك من كتب أهل المذهب وغيرهم، وذكر الأحاديث المتعلقة بها، والكلام عليها، ومع جمعها يتبين الراجح من القولين.

فأقول: قال القاضي زيد: مسألة إن أدرك شيئا من الخطبة نحو أن يدرك منها قدر آية أتمها جمعة، وإن لم يدرك شيئا منها لم تصح منه الجمعة، ويصلي أربعا، ويبني على ما أدركه مع الإمام. قد نص عليه الهادي في " المنتخب " (١)، وهو قول عطاء، وطاووس، ومجاهد، ومكحول، وعمدتهم في ذلك أن الخطبة بمثابة ركعتين، وأنها شرط كما سيأتي بيانه.

قال القاضي زيد: فإن قيل يروى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما أدركت فصل وما فاتك فاقض " (٢) قلنا كذلك يقول إنه يصلي مع الإمام ما أدرك، ويقضي ما فات، والخلاف في كيفية القضاء، وليس في الخير ما يدل على موضع الخلاف، وما روي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدركها " (٣)، فالمراد به قد أدرك فضلها، فدليل ما ذكرنا، وما روي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى، ومن أدرك دونها صلى أربعا "؛ فإن أهل العلم ضعفوه، وذكر أبو بكر الرازي في المختصر الطحاوي أنه حديث ضعيف لا يثبته أهل العلم، وما روي: " من أدرك ركعة من صلاة الجمعة


(١) تقدم التعريف به.
(٢) أخرج البخاري رقم (٩٠٨) ومسلم رقم (١٥١/ ٦٠٢) من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ".
(٣) سيأتي تخريجه.