هو الشرع في الخطبة فلياتنا بدليل يدل على ذلك، لا بما هو خارج عن محل النزاع، أو بما هو حجة عليه لا له كما ذكره في هذه المقدمات. فإنا نقول له: نعم، الحقائق الشرعية واقعة، فكان ماذا؟ ثم نقول له في المقدمة [٤أ] الثانية: إن الماهيات تكون وضعية كما ذكرت، فهل يأتينا بوضع منقول عن الشارع أن صلاة الجمعة ليست كسائر الصلوات، وليس تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، بل تحريمها الشروع في الخطبة، فإن كنت تجد إلى هذا سبيلا فلتأتنا به، فإنا لا نحتاج في قبوله إلى تقرير ثبوت الماهيات الوضعية؛ إذ تقريرها وتسليم ثبوتها من دون برهان على محل النزاع لا يضرنا ولا ينفعك، بل ينفعنا ويضرك كما قد قدمنا، فإن في الاستدلال لقولنا بعين هاتين المقدمتين اللتين أوردتهما أن الحقائق الشرعية ثابتة، وأن الماهية الوضعية موجودة، فإن كنت تزعم أن الشارع جعل الخطبة التي هي خارجة عن الماهيات الشرعية شطرا للصلاة، وجزءا منها، فنحن نمنع ذلك، ثم لو أردنا أن نننتقل عن مركز المنع إلى مركز الاستدلال لم يعجزنا أن نقول بعد تقرير ثبوت الحقائق الشرعية، وتقرير ثبوت الماهية الوضعية، وتقرير النقل عن الشارع أن الصلاة تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم وتقرير أن صلاة الجمعة صلاة من الصلوات أن ما قبل تحريمها وما بعد تحليلها غير داخل فيها، ولا جزء من أجزائها.
وأما ما ذكره في المقدمة الثالثة من أن أجزاء الماهية قد تكون مختلفة، فنقول: نعم، وهكذا محل النزاع، فإن الأجزاء الأذكار والأركان، وهما مختلفان ولكن هذا لا ينفعك ولا يضرنا، فإن كنت تزعم أن شيئا من الخارجات عن تحريمها وتحليلها داخل فيها فلا يثبت هذا الزعم إلا بدليل يدل عليه، ولا بمجرد ما ذكرته منت ثبوت الحقائق الشرعية، والماهيات الوضعية، وأنها قد تكون مختلفة، ولا بما ذكرته في المقدمة الرابعة من أن الحقائق الشرعية تنصرف أحكام الشارع عليها إلى الماهيات التي اعتبره، فإنا نقول بموجب هذا الكلام، ولا نزاع بيننا وبينك فيه أصلا، بل إذا حكم الشارع على صلاة من الصلوات بحكم، كان هذا الحكم ثابتا لتلك الصلاة، مثلا يكون قوله - صلى الله