للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدعة، وظنوا أنه كان في زمن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يكن في زمنه، ولا زمن أحد خلفائه، بل حدث بعد المائة الثانية، مع ثبوت النهي عن اتخاذه، هكذا نقل هذا الكلام عن السيوطي المناوي، في شرح الجامع (١)، ثم قال: وتعقب قول الزركشي (٢) المشهور أن اتخاذه جائز لا مكروه، ولم يزل عمل الناس عليه بلا نكير، بأنه نقل في المذهب فيه. وقد ثبت النهي عنه. قال المناوي (٣) متعقبا للسيوطي: وهذا بناء منه على ما فهمه من لفظ الحديث أنه مراده بالمذابح المحاريب، وهي غير ما هو المتعارف في المسجد الآن، ولا كذلك، فإن الإمام الشهير المعروف بان الأثير (٤) قد نص على أن المردا بالمحاريب في الحديث صدور المجالس [فالزومية] (٥) حديث أنس كان يكره المحاريب، أي لم يكن يحب أن يجلس في صدور المجالس، ويترفع على الناس انتهي.

قال المناوي: واقتفاه، أي: ابن الأثير في ذلك جمع جازمين به، ولم يحكوا خلافه، منهم: الحافظ الهيثمي وغيره (٦) فقد قال الحراني: المحراب صدور البيت ومقدمه الذي لا يكاد يوصل إليه إلا بفضل مؤنة أو قوة وجهد. وفي الكشاف (٧) في تغيير: (كُلَّمَا


(١) " فيض القدير شرح الجامع الصغير" (١/ ١٤٤).
(٢) في " إعلام الساجد بأحكام المساجد " (ص٣٦٤).
(٣) في " فيض القدير شرح الجامع الصغير " (١/ ١٤٤).
(٤) في " النهاية " (١/ ٣٥٩).
(٥) كذا في المخطوط ولعله [فالذي فيه].
(٦) قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (١١/ ٨٤ - ٨٥) قوله تعالى: " فخرج على قومه من المحراب: أي أشرف عليهم من المصلى، والمحراب أرفع المواضع وأشرف المجالس، وكانوا يتخذون المحاريب فيما ارتفع من الأرض ". واختلف الناس في اشتقاقه، فقالت فرقة: هو مأخوذ من الحرب كأنه ملازمه يحارب الشيطان والشهوات، وقالت فرقه: هو مأخوذ من الحرب (بفتح الراء) كأن ملازمه يلقى منه حربا وتعبا ونصبا.
(٧) ي (١/ ١٨٧).