للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك. انتهى.

في النهاية (١) المذبح واحد المذابح وهي المقاصير، وقيل المحاريب. وقال الكمال بن الهمام في الفتح (٢) بعدما نقل كراهة صلاة الإمام في المحراب، لما فيه من التشبه بأهل الكتاب، والامتياز على القوم ما نصه: " لا يخفى أن امتياز الإمام مقرر مطلوب في الشرع في حق المكان، حتى كان التقدم واجبا عليه، وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان، ولا أثر لذلك، فإنه بني في المساجد المحاريب من لدن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولو لم تبن لكانت السنة أن يتقدم في ذلك المكان، لأنه يحاذي وسط الصف، وهو المطلوب، إذ لم قيامه في غير منحاذاته مكروه، وغايته اتفاق الملتين في بعض الأحكام ولا بدع فيه، على أن أهل الكتاب إنما يخصون الإمام بالمكان المرتفع كما قيل فلا تشبه " انتهى.

وأقول [٣أ]: لا يخفى أنه لا ملازمة بين تقدم الإمام وكونه في محراب، فالمحراب هو بناء مخصوص، على هيئة مخصوصة، في مكان مخصوص، وليس مشروعية تقدم الإمام على المؤتمين (٣) يستلزم أن يكون ذلك في المكان المخصوص بل المراد تقدمه بني يدي الصف، وهو ممكن دخوله في ذلك البناء الموضوع على تلك الهيئة، فلا يتم قول الكمال ابن الهمام: وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان، ولا أثر لذلك، بل نقول لذلك أثر وهو التشبه بأهل الكتاب، ومخالفتهم مطلوبة بنص الشارع.

وأما قوله: فإن بني في المساجد المحاريب من لدن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فباطل، فإنه لم يبن في زمنه (٤)، ولا في زمن الصحابة شيء من ذلك كما تقدمت


(١) (١/ ٣٥٩).
(٢) (١/ ٤٢٥).
(٣) انظر الرسالة رقم (٨٣).
(٤) قال الشيخ محفوظ في كتابه " الإبداع في مضار الابتداع " (ص ١٨٤): " وأما اتخاذ المحاريب فلم يكن في زمانه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محراب قط، ولا زمان الخلفاء الأربعة فمن بعدهم، وإنما حدث في آخر المائة