للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد أنه كتابه إلى آخر ما ذكروه هناك، وكما ذكروه في الحاكم أنه لا يعمل بما وجد في ديوانه (١) إن لم يذكر، ولكنهم عللوا ذلك بعلة تفيد أن الخط في هذين الموضعين


(١) أن الاعتماد على ديوان القاضي وكتابته وخطه مقبول، وكذلك ديوان القاضي الذي سلفه إذا وثق بالخط وأمن التحريف والتغيير وبتعدت الريبة والشك، وإن لم يتذكر خطه وكتابته وإن لم تقم البينة عليها، كما يعتبر الصك الذي في يد أحد المتخاصمين، والمسجل في دواوين القضاة دليلا في الإثبات وبرهانا على الحق لصاحبه إن كان محفوظا.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
١ - أن القاضي قد أخذ الاحتياط بالكتابة والحفظ بحسب وسعه وإذا لم يعمل بكتابته تاهت الحقوق بطلت الأحكام وكانت كتابته سدى، ولأن سجل القاضي لا يزور عادة، لأنه محفوظ عند الأمناء، والظاهر من الديوان أنه خطه واجب.
٢ - أن العمل بديوان القاضي مستفيض وقد ارتفع عنه الإنكار.
٣ - قياس الحكم في الديوان على الرواية في الأحكام الشرعية إذا وثق بصحة كتابته.
٤ - أن الغلط فيه نادر، وأثر التغيير يمكن الاطلاع عليه ومعرفته وقلما يشتبه الخط من كل وجه.
٥ - إن اشتراط التذكر يؤدي إلى الصعوبة، وفيه مشقة وحرج الغين وإن القاضي يعجز عن حفظ كل حادثة لكثرة اشتغاله وخاصة في مثل هذه الأيام فإن الدعاوي والأحكام تبلغ الآلاف وليس وسع القاضي التحرز عن النسيان فإنه طبيعة في الإنسان فالنسيان جبلة فيه، وما سمي الإنسان إنسانا إلا لأنه نيسي.
وانظر " تبصرة القضاة " (ص ٤٢)، " المبسوط " (١٦/ ٩٢).