للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنكار من الذي عليه الدين [١٣ ب] بعد ذلك متقول: إعلم أن المرقوم المتضمن للمصادقة إن كان جامعا للشروط المعتدة المذكورة سابقا فأقل أحواله وأدني منازله أن يكون القول قول حامله، لأنه يفيده ظاهرا قويا.

وقد تقرر أن القول قول من معه الظاهر مع يمينه، ويكلف المدعي لما يخالف ما اشتمل عليه الرقم البرهان، فإن جاء البرهان راجحا على الرقم وجب الانتقال إليه عن الظاهر، وإن لم يأت بذلك وجب البقاء على ما يقتضيه الظاهر ووهذا هو الحق المطابق للقوانين الأصولية، والقواعد الفرعية، وأهل المذهب قد صرحوا به في غير موضع لو لم يكن من ذلك إلا ما ذكروه في كتاب الدعاوي، فإنهم قالوا: إن المدعي من معه أخفى الأمرين، والمدعي عليه من معه أظهرها (١)، وهذا هو معنى ما ذكرنا من أن القول قول من معه الظاهر مع يمينه، لأن قد صار بالرقم المذكور معه أظهر الأمرين.

ومن جملة ما عملوا فيه بالظاهر قولهم: الثوب للابس، والعزم للأعلى، والفرس للراكب، والجدران لمن ليس إليه توجيه البناء. وقولهم: يحكم لكل من ثابتي اليد الحكمية بما يليق به، قولهم من فعل في شيء ما ظاهره السبيل خرج عن ملكه إلى غير ذلك من المواضع التي يصعب تعدادها. وفي هذا المقدار كفاية. والله ولي التوفيق.

حرره المجيب محمد بن علي الشوكاني - غفر الله لهما - في شهر جمادي الآخرة سنة ١٢١٥هـ.


(١) وجد في هامش المخطوط: " إن قيل: إذا كان الثبوت مع أحد الخصمين، والرقم مع الآخر فمن ذا يكون المدعي؟ فإن قيل هو الثابت لأنه الذي معه أخفى الأمرين ففيه نظر، لأنه لا يسمي مدعيا لغة ولا عرفا ولا شرعا، ولعله يجاب بأن المدعي هو صاحب الرقم قد يعزون رقمه إليه فيصدق عليه في تلك الحال مع أحق الأمرين. والله أعلم. تمت.