للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والأولياء؛ لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خص به- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- تنبيها على علو درجته ومرتبته .... انتهى.

ولعله لأجل كلام ابن عبد السلام ترجم السيوطي (١) هذا الباب بهذه الترجمة، ولا يخفى أنه ليس في كلام ابن عبد السلام ما يشعر بالجزم، فإنه إنما قال ينبغي، وأصل وصفها إنما هو بمعنى الأولوية. وأيضا ليس في هذه الأدلة ما ينفي الجواز، بل كلها صريح في جواز التوسل بالنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أو بمن له [٣] منزلة عند الله رفيعة.

ولنتأمل في الأحاديث الواردة في شأن قصة آدم، فإنها منادية بأن كل ذي جاه عند ربه تعالى يجوز التوسل إليه تعالى، وعلى هذا جرى أكثر العلماء في توسلاتهم وأدعيتهم وأشعارهم بلا نكير. فأما ما نقل عن ابن عبد السلام (٢)، ومثله عن مالك، فإنه ما أداهما إليه اجتهادهما. وهذه الأحاديث تلقاها الناس خلفا عن سلف بالقبول، وعمل بهذه الأدعية الفاضل منهم والمفضول، وما تحرج أحد من المسلمين عن الدعاء فيما أحسب بهذه الأدعية، ولا عن صلاة الحاجة.

فأما ما توهم من اختصاص صلاة الحاجة والتوسل بالنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في حاله حياته فهذا التوهم ما أبعده عن فهم الأحاديث، وعن قوانين أهل العلم! فإنه لو صح التخصيص بهذه التخيلات الفاسدة لجاز في أكثر الأحاديث أن يقال: هذا خاص في حياته- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ومن أين لنا أنه عام بعد مماته! ونحو هذا ما توهم أيضًا في التوسل بالعباس (٣) بن عبد المطلب- رضي الله عنه- أنه يجوز التوسل بالحي دون الميت،؛ لأن الميت الذي قد صار رهينا في التراب ليس بأهل يتوسل بما له من الجاه والكرامة


(١) أي باب "اختصاصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجواز أن يقسم على الله به" في الخصائص (٢/ ٢٠١).
(٢) ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى (٢/ ٢٠٢).
(٣) سيأتي تخريجه (ص ٣١٤).