للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشافعي (١) بتحريم ذلك، وطائفة أطلقت الكراهة (٢) لكن ينبغي أن يحمل على كراهة التحريم إحسانا للظن بهم، وأن لا بهم أن يجوزا ما تواتر عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لعن فاعله، والنهي عنه انتهي.

فانظر كيف حكى التصريح عن عامة الطوائف! وذلك يدل على أنه إجماع من أهل العلم على اختلاف طوائفهم، ثم بعد ذلك جعل أهل ثلاث مذاهب مصرحين بالتحريم، وجعل طائفة مصرحة بالكراهة، وحملها على كراهة التحريم، فكيف يقال بأن بناء القباب والمشاهد لم ينكره أحد!.

ثم انظر كيف يصبح استثناء أهل الفضل برفع على قبورهم! وقد صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما قدمنا أنه قال: أولئك إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح [١٩] بنوا على قبره مسجد " (٣) ثم لعنهم لهذا السبب


(١) قال النووي في " المجموع " (٥): " واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث. وقال الشافعي والأصحاب: وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره ".
(٢) قال الإمام محمد ابن الحسن: " لا نر أن من يزاد على ما خرج من القبر ونكره أن يجصيص أو يطين أو يجعل عنده مسجد ". " كتاب الآثار " (ص٤٥).
وإذا أطلقت الكراهة عند المتقدمين فمعناه التحريم.
وذكر عن أبي يوسف أنه كره رش القبر بالماء، لأنه يجري مجرى التطيين وهل هذا منهم إلا اتباع ما عليه السلف الصالح من ترك تعظيم القبور التي هي من أعظم الوسائل إلى الشرك.
انظر: " النبذة الشريفة النفيسة " (ص١٣٨).
(٣) تقدم تخريجه.