للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السائل - عافاه الله -:

المبحث الخامس:

لو اقتدى قاصر بمنتم أيلزم كما نقل عن ابن عباس أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد، وأربعا إذا ائتم بمقيم؟: " إن ذلك من السنة " (١) أن القصر لأنه باق في سفره؟ وهل هناك دليل على واحد منهما غير ما ذكر؟ انتهى.

أقول: إذا ثبت وجوب القصر بأدلته المتقدمة كان تخصيص بعض الأزمنة أو الأمكنة أو الأحوال أو الأشخاص بأنه يتم محتاجا إلى دليل يصلح للتخصيص، ولم يبلغنا أنه اقتدى مسافر بمقيم في حضرته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ولا ثبت لنا أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سئل عن ذلك فأجاب. ولكن الخبر أن ابن عباس أعلم بسنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فإذا ثبت عنه أنه قال: إتمام المسافر بعد المقيم من السنة،


(١) أخرجه أحمد (١).
قال ابن قدامة في " المغني " (٣/ ١٤٣ - ١٤٤): " إذا دخل مع مقيم، وهو مسافر أتم ". وجملة ذلك أن المسافر متى ائتم بمقيم لزمه الإتمام، سواء أدرك جميع الصلاة أو ركعة، أو أقل. قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن المسافر، يدخل في تشهد المقيمين؟ قال: يصلي أربعا. وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وجماعة من التابعين، وبه الثوري، والأوزاعي، والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. ..
ثم قال: ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفا.
وقد أخرج البخاري في صحيحه رقم (١٠٨٢) ومسلم رقم (١٧) والنسائي (٣) عن ابن عمر قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمنى ركعتين وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدرا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعد أربعا، فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعا وإذا صلاها وحده صلى ركعتين.
قال القرطبي في " المفهم " (٢ - ٣٣٦): فإن عمر وابن مسعود كانا يصليان معه، ويتمان مع اعتقادهما: أن القصر أولى وأفضل، لكنهما اتبعاه لأن الإتمام جائز، ومخالفة الإمام فيما رآه مما يسوغ ممنوعة ويحتمل: أن يريد بالإمام هنا: أي إمام اتفق من أئمة المسلمين، ويعني به، أن ابن عمر إذا صلى خلف مقيم أتم تغليبا لفضلة وبحكم الموافقة فيما يجوز أصله.