للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وربما يستفاد حرمة الأطعمة من حديث أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بلعق الأصابع والصفحة، وقوله معللا لذلك: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة. وهو في صحيح مسلم (١) وغيره من حديث جابر، ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مطلق الإكرام، وتعليل اللعق للأصابع والقصعة بتلك العلة يشعر بأن كل جزء من أجزاء الطعام يحتمل أن تكون البركة فيه، سواء كان كثيرا أو قليلا، وبركة الله - سبحانه وتعالى - لا ينبغي أن تمتهن، بل هي حقيقة بالإكرام والاحترام، ومثله ما أخرجه مسلم (٢) وغيره (٣) من حديث أنس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث، وقال: " إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذي، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان ". وأمرنا أن نسلت القصعة، وقال: " إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ".

وفي الأمر بلعق الأصابع، وسلت القصعة ما يشير إلى ما ذكرناه من أن المقصود من ذلك الظفر ببركة الله، لا مجرد التنظيف، ولو كان المقصود مجرد التنظيف لكان المسح بمنديل ونحوه كافيا. وقد نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك كما في الصحيحين (٤) وغيرهما (٥) من حديث ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -


(١) في صحيحه رقم (١٣٣)
عن جابر قال: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: " إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ". وهو حديث صحيح.
(٢) في صحيحه رقم (١٣٦).
(٣) كالترمذي رقم (١٨٠٣) وأبو داود رقم (٣٨٤٥). وهو حديث صحيح.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٤٥٦). وهو حديث صحيح.
(٥) كأبي داود في " السنن ط (٣٨٤٧) وابن ماجه رقم (٣٢٦٩).