(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٢٧٠) ومسلم رقم (٢١٧٧). (٣) كأحمد (٢/ ٨٩) وأبو داود رقم (٤٨٢٨) والترمذي رقم (٢٧٤٩). قال القرطبي في " المفهم " (٥/ ٥١٠ - ٥١١): نهيه عن أن يقام الرجل من مجلسه إنما كان ذلك لأجل: أن السابق قد اختص به إلى يقوم بأختيار عند فراغ غرضه، فكأنه قد ملك منفعة ما اختص به من ذلك، فلا يجوز أن يحال بينه وبين ما يملكه، وعلى هذا فيكون على ظاهره من التحريم. وقيل: هو على الكراهة. والأول أولى. ويستوي في هذا المعنى أن يجلس فيه بعد إقامته، أو لا يجلس، غير أن هذا الحديث خرج على أغلب ما يفعل من ذلك. فإن الإنسان في الغالب إنما يقيم الآخر من مجلسه ليجلس فيه، وكذلك يستوي فيه يوم الجمعة - كما قال في رواية مسلم رقم (٢١٧٨) - عن جابر عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يقيمن أحدكم أحاه يوم الجمعة ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا " لأنه اليوم الذي يجتمع الناس فيه، ويتنافسون في المواضع القريبة من الإمام فليحق بذلك ما في معناه، ولذلك قال ابن جريج: في يوم الجمعة وغيرها. ومن أدب التفسح في المجالس: قال القرطبي في " المفهم " (٥): هذا أمر للجلوس بما يفعلون مع الداخل وذلك: أنه لما نهى عن أن يقيم أحدا من موضعه تعين على الجلوس أن يوسعوا له ولا يتركوه قائما، فإن ذلك يؤذيه، وربما يخجله. وعلى هذا: فمن وجد من الجلوس سعة تعين عليه أن يوسع له. وظاهر ذلك أنه على الوجوب تمسكا بظاهر الأمر، وكأن القائم يتأدى بذلك، وهو مسلم، وأذى المسلم حرام ويحتمل أن يقال: إن هذه آداب حسنة، ومن مكارم الأخلاق، فتحمل على الندب. وقد اختلف العلماء في قوله تعالى: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) [المجادلة: ١١]. فقيل: هو مجلس النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يزدحمون تنافسا في القرب من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقيل: هو مجلس الصف من القتال. وقيل: هو عام في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير، والأجر، وهذا هو الأولى إذا المجلس للجنس على ما أصلناه في الأصول. وأنظر: " فتح الباري " (١١/ ٦٣ - ٦٤).