للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا جملة ما ورد في صيام رجب مما يختص به، وكلها أحاديث باطلة لا أصل لها. وقد ذكرنا أكثرها في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (١) وحكى ابن السبكي عن محمد بن نصر السمعاني أنه قال: لم يرد صوم شهر رجب على الخصوص سنة ثابتة، والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم انتهى.

وكما لم يصح الترغيب (٢) في صوم رجب على الخصوص لم يصح النهي عن صومه كما روى [٤ب] ابن ماجه (٣) من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وآله


(١) للشوكاني (ص٤٧، ٤٨، ١٠٠ - ٤٣٩).
(٢) قال ابن حجر في "تبيين العجب " لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا صيام شيء منه - معين. ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه. حديث صحيح يصلح للحجة. وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره، لكن اشتهر أن أهل العلم يتسمحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف، ما لم تكن موضوعة وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا، وأن لا يشهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة.
ثم قال: وليحذر المرء من دخوله تحت قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من حديث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ". فكيف بمن عمل به ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام، أو في الفصائل. وإذا الكل شرع.
وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (٨/ ٣٩): ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه ولكن أصل الصوم مندوب إليه وفي " سنن أبي داود " أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها والله أعلم.
(٣) في " السنن "
(١٧٤٣). قلت وأخرجه الطبراني في " الكبير " (١٠/ ٣٤٨) والبيهقي في " الشعب " (٣/ ٣٧٥ رقم ٣٧١٤) والجوزقاني في " الأباطيل " (٣) وقال: هذا حديث باطل لم يروه عن زيد بن عبد الحميد إلا داود بن عطاء وهو منكر الحديث وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية " (٢) وقال: لا يصح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكره ابن القيم في " المنار المنيف " (ص٩٧). وذكره السيوطي في"الجامع الصغير " (٦) ورمز لضعفه.
وأخرجه ابن حجر في " تبيين العجب " (ص٤٧) وذكر كلام البيهقي: " رواه داود بن عطاء، وليس بالقوي وإنما الرواية عن ابن عباس من فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما قدمنا ذكره، فحرف الفعل إلى النهي، ثم، وإن صح فهو محمل على التنزيه، والمعنى فيه القديم قال: وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل شهر رمضان، إنما كرهت هذا، لئلا يتأسى جاهل فيظن أن ذلك رجب ". وهو حديث ضعيف جدا.