للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يرشدك إلى صحة هذه الطريقة التي ذكرناها أعني: أن حديث العوالي كالنص في رمضان وقوع الإجماع الذي سنبينه على لزوم الإمساك. ولو كان دلالته على ذلك بالقياس فقط لوقع الاختلاف فيه على حد الاختلاف في العمل بالقياس والتخصيص به. ولو سلمنا عدم ثبوت هذا الحكم في رمضان بالنص بل قلنا أنه بالقياس كما صرح به الأكثر لما كان ذلك قادحا في رجحان هذا المذهب؛ فإن التعبد بالقياس عقلا (١) وسمعا، أو سمعا فقط، أو عقلا فقط، مذهب جميع الأمة إلا الإمامية، وتابعهم شذوذ من معتزلة بغداد (٢). وناهيك أن الظاهرية المشهورين بنفي القياس قائلون بالتعبد به عقلا (٣)، ولا يشك عارف أن حديث: " لا صيام لمن لم يبيت النية " (٤) عام لصوم الفرض، والنفل،


(١) انظر " البحر المحيط (٥/ ١٦)، " اللمع " (ص ٥٣ - ٥٤)، " إرشاد الفحول (ص ٦٥٩).
(٢) انظر " المحصول " (٥/ ٢٣) " البحر المحيط " (٥/ ١٦).
(٣) انظر " التبصرة " (ص ٤١٩)، " إرشاد الفحول " (ص ٦٦٢).
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٤٥٤) والترمذي رقم (٧٣٠) والنسائي (٤/ ١٩٦ رقم ٢٣٣٤) واللفظ له.
وابن ماجه رقم (١٧٠٠) وابن خزيمة رقم (١٩٣٣) والدارقطني (٢/ ١٧٢) والدارمي (٢/ ٦ - ٧) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٤/ ٢٠٢) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (٢/ ٥٤) وأحمد (٦/ ٢٨٧) كلهم من حديث حفصة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأورده النووي في " المجموع " (٦/ ٢٨٩) وقال: " والحديث حسن يحتج به اعتمادا على رواية الثقات الرافعين والزيادة من الثقة مقبولة ".
قلت: وهناك فرق خلاف بين العلماء في رفع الحديث ووقفه، فذهب فريق إلى أنه مرفوع وبه قال الحاكم، والدارقطني، وابن خزيمة وابن حزم وابن حبان.
وذهب فريق إلى أنه موقوف ولا يصح رفعه وبه قال البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد. انظر " فتح الباري " (٤/ ١٤٢) وتلخيص الحبير (٢/ ٢٠٠). والخلاصة أن الحديث حسن والله أعلم.