للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدارقطني (١)، والبيهقي (٢) من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم: " هل عندكم شيء؟ قلت: لا، قال: فإن صائم، فلما خرج أهديث لنا هدية فلما جاء قلت: يا رسول الله، أهديث لنا هدية، وقد خبأت لك شيئا، فقال هاتيه، فجئت به فأكل " وفي لفظ: أنه كان يدخل على أهله فيسألهم عن الغداء، فإن لم يجده قال: إني صائم. وهو ظاهر في إنشاء الصوم. وقد رد بأنه لا يدل على عدم التبييت. وفي المقام نزاع لا يتسعه البحث.

قال ابن حجر في الفتح (٣) عند الكلام على حديث سلمى السابق لما قهرته حجته: وكل ذلك لا ينافي أمرهم بالقضاء، بل قد ورد ذلك صريحا في حديث أخرجه أبو داود (٤)، والترمذي (٥) من طريق قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة، عن عمه أن أم سلمة أتت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " صمتم يومكم هذا؟ " قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه. وهكذا قال النووي في شر مسلم (٦).

وأنت إن أنصفت علمت أن الأمر بالقضاء مرتب على إخبارهم بعدم الصوم. ولا نزاع في وجوب القضاء على من أمسك بعد الإفطار، وإنما النزاع فيمن لم يأكل قبل الشعور بأن ذلك اليوم من رمضان؛ فالشافعية أوجبوا عليه الإمساك والقضاء لوجوب التبييت، وهكذا عن المؤيد بالله (٧). ومذهب الجمهور صحة صوم ذلك اليوم، وعدم وجوب القضاء إن لم يأكل فيه وهو الحق.


(١) في " السنن " (٢/ ١٧٦ - ١٧٧ رقم ٢١).
(٢) في " السنن الكبرى " (٤: ٢٧٤ - ٢٧٥) وهو حديث صحيح.
(٣) (٤/ ١٤٢).
(٤) في " السنن " رقم (٢٤٤٧).
(٥) في " السنن " (٣/ ١٢٦).
(٦) (٨/ ١٣).
(٧) انظر " البحر الزخار " (٢/ ٢٣٧).