للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يرد من الشرع ما يدل على ذلك (١)، أو يفيده؛ لأن عدم الصحة الشرعية لا يثبت إلا لفقد شرط، أو انخرام ركن، أو وجود مانع دل الشرع على أنه يمنع من الصحة، وفرق بين كون الشيء ممنوعا منه، وبين كون وجوده يؤثر في عدم الشيء، أو كون عدمه يؤثر في عدم الشيء، ثم الدليل المفيد ذلك لا يكون إلا بلفظ يفيد عدم صحة ذلك الشيء عند عدم ما هو معتبر فيه.

كأن يقول الشارع: لا تصح صلاة من فعل كذا، أو لا تصح صلاة من لم يفعل كذا، أو لا يقبل الله صلاة من فعل كذا - على ما في نفي القبول من النزاع المعروف بين أهل العلم - وحاصله:

هل نفي قبول الشيء يدل على نفي صحته أم لا (٢)؟ كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " (٣). ونحو ذلك مما يكثر تعداده.


(١) قال ابن قدامة في " المغني " (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧): وفي الصلاة في الموضع المغصوب روايتان: إحداهما، لا تصح، وهو أحد قولي الشافعي، والثانية، تصح. وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والقول الثاني، للشافعي، أن النهي لا يعود إلى الصلاة، فلم يمنع صحتها.
وانظر: " المجموع " (٣/ ١٦٩).
(٢) انظر: " الكوكب المنير " (٣/ ٩١ - ٩٣)، " الإحكام " للآمدي (٢/ ١٨٨، ١٩٢)، " التبصرة " (ص ١٠٣).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ١٥٠) وأبو داود رقم (٦٤١) والترمذي رقم (٣٧٧) وقال: حديث حسن. وابن ماجه رقم (٦٥٥) وابن خزيمة في صحيحه رقم (٧٥٥) والحاكم في " المستدرك " (١/ ٢٥١) وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه كلهم من حديث عائشة.
وهو حديث صحيح.
قال الشوكاني في " وبل الغمام " (١/ ٢٥١ - ٢٥٢) إذا انتهض للاستدلال به على الشرطية فهو خاص بالمرأة، وقد عرفت مما سلف أن الذي ييتلزم عدمه عدم الصلاة أي بطلانها، هو الشرط أو الركن، لا الواجب فمن زعم أن من ظهر شيء من عورته في الصلاة، أو صلى بثياب متنجسة كانت صلاته باطلة فهو مطالب بالدليل، ولا ينفعه مجرد الأوامر بالستر أو التطهير، فإن غاية ما يستفاد منها الوجوب.