للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمعارضة ما ثبت عن الشارع ولا تستشكل الأحاديث باعتبارها فكثيرا ما وقع من الأكاذيب في كتب التفسير لا سيما المشتملة على حكاية القصص المطولة فهي متلقاة من أهل الكتاب المنصوص على أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون القول، بل كثير من الحكايات المدونة في كتب التفسير (١) لا مستند لها إلا ما يعتاده القصاص من تطويل ذيول المقال بالأكاذيب الحرية بالإبطال، فما كان كذلك لا ينبغي أن يلتفت إليه أو يعتقد صحته على فرض عدم معارضته لشيء مما ورد عن الشارع فكيف إذا عارض ما ورج وإن كان قاصرا عن رتبة الصحة.

والحاصل أن التفسير الذي ينبغي الاعتداد به والرجوع إليه هو تفسير كتاب الله جل جلاله باللغة العربية حقيقة ومجازا إن لم تثبت في ذلك حقيقة شرعية فإن ثبتت فهي مقدمة على غيرها، وكذلك إذا ثبت تفسير ذلك من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو أقدم من كل شيء، بل حجة متبعة لا تسوغ مخالفتها لشيء آخر، ثم تفاسير علماء الصحابة المختصين برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يبعد كل البعد أن يفسر أحدهم كتاب الله ولم يسمع في ذلك شيئا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى فرض عدم السماع فهو أحد العرب الذين عرفوا من اللغة دقها وجلها.

وأما تفسير غيرهم من التابعين ومن بعدهم فإن كان من طريق الرواية نظرنا في صحتها سواء كان المروي عنه الشارع أو أهل اللغة وإن كان بمحض الرأي فليس ذلك بشيء، ولا يحل التمسك له ولا جعله حجة، بل الحجة ما قدمناه. ولا يظن بعالم من علماء الإسلام أن يفسر القرآن برأيه، فإن ذلك مع كونه من الإقدام على ما لا يحل [بما لا


(١) انظر " الرسالة " رقم (١٤).