للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورة جواب نقل من خط المجيب سيدي المالك، الصنو، العلامة، البدر، عز الإسلام، محمد بن علي بن محمد الشوكاني - أطال الله مدته - لفظه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وآله الطاهرين، وبعد:

فإنه ورد السؤال من بعض الأعلام - نفع الله بهم المسلمين والإسلام - عن ما وقع في كتب الفقه: من أنه يجوز للمرأة أن تمتنع من تمكين الزوج حتى يسمي لها مهرا، ثم حتى يعين، ثم حتى يسلم، وكان مضمون السؤال هو عن ما يذهب إليه راقم الأحرف - غفر الله له -.

فأقول: اعلم أنه لا يخفى على من يعلم بما كان عليه أهل الإسلام، في أيام النبوة فما بعدها، أن المهور (١) كان يسلمها الأزواج قبل الدخول، ويسوقون ذلك إلى نسائهم، أو


(١) الأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤].
وقال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤].
قال أبو عبيد: يعني عن طيب نفس، بالفريضة التي فرضها الله تعالى.
وقيل: النحلة: الهبة، والصداق في معناها، لأن كل واحد من الزوين يستمتع بصاحبه، وجعل الصداق للمرأة، فكأنه عطية بغير عوض.
وقيل: نحلة من الله تعالى للنساء، وقال تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}.
وأما السنة: فروى أنس، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى على عبد الرحمن بن عوف درع زعفران فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مهيم؟ " فقال: يا رسول الله، تزوجت امرأة. فقال: " ما أصدقتها؟ " قال: وزن نواة من ذهب، فقال: " بارك الله لك، أولم ولو بشاة ". -
أخرجه البخاري رقم (٥١٤٨) ومسلم رقم (٧٩/ ١٤٢٧) -.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. أخرجه البخاري رقم (٣٧١) ومسلم رقم
(٨٤/ ١٣٦٥). وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.
فائدة: وللصداق تسعة أسماء: الصداق، والصدقة، والمهر، والنحلة، والفريضة، والأجر، والعلائق، والعقر، والحباء، روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أدوا العلائق " قيل: يا رسول الله، وما العلائق؟ قال: " ما تراضى به الأهلون ".
- أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٤٤) والبيهقي (٧/ ٢٣٩) وسعيد بن منصور في سننه (١/ ١٧٠) وقال الحافظ في " التلخيص " (٣/ ١٩٠ رقم ١٥٥٠) إسناده ضعيف جدا.
ويقال: أصدقت المرأة ومهرتها. ولا يقل: أمهرتها.
انظر " المغني " (١٠/ ٩٧)، " تهذيب اللغة " (٥/ ٢٦٦).
وقال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (٥/ ٢٤): قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}. الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه.
وقال ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢١٣): " ... أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما، وأن يكون طيب النفس بذلك، كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبا بها، كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبا بذلك. فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فيأكله حلالا طيبا، ولهذا قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ".