للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو فقيه حافظ، فهذا صريح في أن الرضاع المحرم إنما يكون في الحولين لا غير. فهذه الأحاديث كلها واردة بأداة القصر، واضحة الدلالة على أن الرضاع المحرم المعتبر شرعا إنما يثبت حكمه مهما كان الرضيع يستغني باللبن عن غيره، وذلك لا يثبت في رضاع الكبير.

وروى الإمام زيد بن عليه - عليه السلام - عن أمير المؤمنين علي - عليه السلام - أن رجلا أتاه فقال: إن لي زوجة، وإني أصبت خادمة فأتيتها يوما فقالت: لقد أرويتها من ثديي، فما تقول في ذلك؟ فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: انطلق قاتل امرأتك عقوبة ما أتت، وخذ بأي رجل أمتك شئت، لا رضاع إلا ما أنبت لحما أو شد عظما، ولا رضاع بعد فصال (١).

وأخرج البيهقي (٢) نحو هذا عن ابن عمر قال: عمدت امرأة من الأنصار إلى جارية لزوجها فأرضعتها، فلما جاء زوجها قالت: إن جاريتك قد صارت ابنتك، فانطلق الرجل إلى عمر فذكر ذلك له فقال له عمر: عزمت عليك لما رجعت فأصبت جاريتك، وأوجعت ظهر امرأتك، فإنما الرضاعة رضاعة الصغير. احتج القائل بأن رضاع الكبير يثبت به الحكم بالتحريم كالصغير بحديث عائشة، ولفظ مسلم (٣) عنها أنها جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله، إني أرى في


(١) أخرجه البيهقي في " السنن " (٧/ ٤٦١)، وعبد الرزاق في مصنفه رقم (١٣٨٩٧) و (١٣٨٩٨).
(٢) في " السنن الكبرى " (٧/ ٤٦١) ومالك في " الموطأ " (٧/ ٤٦١) كلاهما من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (٧/ ٤٦١) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم (١٣ ٨٩١، ١٣٨٩٢).
(٣) في صحيحه رقم (٢٦، ٣٠/ ١٤٥٣).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ٣٨، ٣٩) والنسائي (٦/ ١٠٤، ١٠٥) وابن ماجه رقم (١٩٤٣) وقد تقدم.