للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الإبل، فجاءه يتقاضاه، فقال: " أعطوه " فطلبوا سنة فلم يجدوا إلا سنا فوقها فقال: " أعطوه "فقال: أوفيتني أوفاك الله، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " إن خيركم أحسنكم قضاء ".

وما أخرجه أيضًا الشيخان (١) من حديث جابر قال: " أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وكان لي عليه دين فقضاني، وزادني " فإن ذلك من الزيادة بعد القضاء بطيبة النفس بلا مواطأة، ولا لطمع في التنفيس، وهي جائزة بل مستحبة كما قاله المحاملي من الشافعية (٢)، فإذا كان المقصود بالبيع هو مجرد الزيادة على مقدار الدراهم المدفوعة بصورة الثمن من دون رغبة في المبيع أصلا، بل التوصل إلى الربح في القرض كما قال الإمام عز الدين في كلامه السابق فلا شك أن هذا ليس من البيع الذي أذن الله له، فيحكم بالبطلان، ويجب رد جميع الغلات المقبوضة إلى البائع، أو الكراء على القولين في ذلك ورد الثمن بصفقة بلا زيادة ولا نقصان (٣) ولكن هذه صورة غير الصورة


(١) البخاري في صحيحه رقم (٢٣٩٤) ومسلم رقم (٧١/ ٧١٥). قال ابن قدامة في " المغني " (٦/ ٤٣٦): كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام، بغير خلاف، قال: ابن المنذر: " أجمعوا على المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " اهـ.
ثم قال ابن قدامة: فإن أقرضه مطلقا من غير شرط، فقضاه خيرا منه في القدر أو الصفة، أو دونه برضاهما، جاز.
(٢) انظر: " الحاوي " (٦/ ٤٤٠ - ٤٤٢).
(٣) قال ابن قدامة (٦/ ٤٣٩): وإن شرط في القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه، وكان ذلك مما يجري فيه الربا، لم يجز، لإقضائه إلا فوات المماثلة فيما هي شرط فيه، وإن كان في غيره، لم يجز أيضا. وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وفى الوجه الآخر يجوز، لأن القرض جعل للرفق بالمستقرض، وشرط النقصان لا يخرجه عن موضوعه، بخلاف الزيادة. ولنا أن القرض يقتضي المثل، فشرط النقصان يخالف مقتضاه فلم يجز، كشرط الزيادة.