للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها ما ورد في إثبات شفعة الجار مقيدا بقيد الملاصقة كحديث عمرو بن الشريد عن أبي رافع مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. وفى أول قصه، قال في آخرها: ولولا أني سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يقول: " الجار أحق بسقبه ما أعطيتها " يعني الدار، أخرجه البخاري (١)، وحديث الشريد بن سويد عند أحمد (٢) والنسائي (٣) بلفظ: قلت: يا رسول الله، أرضي ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار فقال: " الجار أحق بسقبه ما كان "، ويروي " بصقبه " والسقب والصقب عند أهل اللغة القرب لكنه قيده صاحب النهاية (٤) بالقرب الملاصق فقال: الصقب القرب والملاصقة، ويروي بالسين انتهى. وهو إمام مرجوع إليه إلى نقله في اللغة كما لا يخفى؛ فأفاد ذلك أنها لا تثبت (٥) الشفعة إلا للجار الملاصق.

ومنها ما ورد في ثبوت شفعة الجار غير مقيد بقيد، كحديث سمرة عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: " جار الدار أحق بالدار من غيره " أخرجه


(١) في صحيحه رقم (٢٢٥٨) وأطرافه (٦٩٧٧، ٦٩٧٨، ٦٩٨٠، ٦٩٨١) عن عمرو بن الشريد قال " وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور ابن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا سعد ابتع مني بيتي في دارك، فقال سعد والله ما أبتاعها، فقال المسور: والله لتبتاعها، فقال سعد والله لا أزيدك على أربعة ألاف مجمعة أو مقطعة، فقال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الجار أحق بسقبه ما أعطيتها بأربعة آلاف وأنا أعطي بها خمسمائة دينار، فأعطاه إياها ".
(٢) في " المسند " (٤/ ٣٨٨، ٣٩٠).
(٣) في " السنن " رقم (٤٧٠٣).وهو حديث صحيح.
(٤) (٢/ ٣٧٧).
(٥) في الهامش (أ) ما نصه: إفادة الحصر ممنوعة؛ إذ لا شيء هاهنا من أدواته كما لا يخفى والله أعلم.
قد علم أنه لا شفعة في الجار غير الملاصق من الأدلة الدالة علة ذلك، بل ومن الإجماع فالحصر مستقلا ومن المقاصر إفادة حقيقته معلومه، والعجب من المعترض كيف ... عليه! هذا مع .. سيقرر المجيب أن لا شفعة للجار غير الملاصق، إلا إذا كان مشاركا طريق المشفوع لدخوله تحت الأدلة.