للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفظ الأرض، ويتناوله هذا الاسم، ولا ريب أنه يصدق على باطن الأرض كما يصدق على ظاهرها، ولم يأت في لغة العرب ولا في اصطلاحات الشريعة المطهرة أن هذا الاسم يصدق على جزء من الأرض، وهو ظاهرها دون غيره من الأجزاء. ومن زعم ذلك فقد جاء بما لا يفيده عقل ولا شرع، ولا لغة، ولا عرف عام ولا خاص.

ولا يرتاب من يفهم كلام العرب أن الضمير قد عاد من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فهي له إلى الأرض التي وقع عليها الإحياء المذكور في أول الحديث، ووزان هذا الكلام قول القائل: من دخل الدار فهي له؛ فإن هذا التركيب يفيد أن الدار بجميع أجزائها تصير ملكا للداخل بمجرد الدخول، ومن زعم أنه لا يملك إلا الموضع الذي قعد فيه من الدار، أو وضع قدمه عليه فقد أخطأ خطأ بينا، وجاء بما لا تعرفه العرب، ولا تفهمه، وهكذا قول القائل: من مثل بعبده عتق عليه؛ فإنه إذا أوقع على بدن العبد ما يصدق عليه أنه مثله صار العبد كله حرا، ومن زعم أنه لا يعتق إلا الموضع الذي وقعت فيه المثلة عليه فقد افترى على لغة العرب، وعلى قواعد الشريعة ما ليس منهما، وهكذا كل تركيب من التراكيب العربية المؤدية لمثل ما ذكرناه، وهي كثيرة لا يحيط بها الحصر، وليس المراد إلا بيان ما أردناه، وتقرير دلالة الدليل الذي سقناه على وجه لا يبقى فيه شك ولا شبهة.

ومما يدل على ما ذكرناه من ملك التخوم الحديث المتفق عليه (١) عن عائشة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: قال: " من ظلم شبرا من الأرض يطوقه الله من سبع أرضين "، وأخرج نحوه الشيخان (٢) أيضًا من حديث سعيد بن زيد. وأخرجه أيضًا أحمد (٣) ومسلم (٤) من حديث أبي هريرة.


(١) البخاري في صحيحه (٢٤٢٥) ومسلم رقم (١٤٢/ ١٦١٢).
(٢) البخاري في صحيحه رقم (٢٤٥٢) ومسلم رقم (١٣٧/ ١٦١٠).
(٣) في " المسند " (٢/ ٣٨٧ - ٣٨٨).
(٤) في صحيحه رقم (١٤١/ ١٦١١).