للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول الجواب عن مسائل السؤال إجمالا، لأنها جميعها ترجع إلى مسألة كون التخوم ملكا أو حقا على ذلك التفصيل السابق في تلك الأقوال، وها نحن الآن نجيت عن كل مسألة من مسائل السؤال على طريق التفصيل فنقول:

أما سؤاله - كثر الله فوائده - عن العروق الممدة من أرض الغارس إلى أرض غيره إذا حصل ذلك، فهل لصاحب الأرض الممتدة إليها العروق قلعها أم لا؟.

أقول: لصاحب الأرض قلع العروق التي تمتد إلى تخوم أرضه (١)، أما عند من يقول إن التخوم تملك كما هو الراجح فالأمر في ذلك ظاهر، لأن الإجماع قائم على أن للمالك أن يدفع ما يرد إلى غير ملكه بغير إذنه، سواء كان يضر بها أم لا، وأما على قول من يقول: إن التخوم حق لا ملك فكذلك لصاحب الأرض أن يقلع العروق الممتدة إلى تخوم أرضه، لن لصاحب الحق أن يمنع الغير من الانتفاع بما له فيه حق كما قالوا في التحجر، وله متعة ما حاز.

وأيضا هاهنا وجه دقيق لطيف مسوغ لقطع العروق على جميع الأقوال، وهو أن مالك الأرض عند حفره للعروق التي يريد قطعها السارية من ملك غيره إلى تخوم أرضه قد صار بذلك الحفر مالكا لجميع ما يحفره، فعند انتهائه إلى العروق صار مالكا للتخوم التي انتهى حفره إليها، فهو عن قلع تلك العروق قلعها عن ملكها، وإن كان قبل الحفر حقا على قول من قال: بأن التخوم حق لا ملك.

ولا يثبت لصاحب العروق الممتدة إلى أرض غيره بمجرد امتدادها إلى التخوم، لا حق ولا ملك، لأن مجرد امتدادها ليس بإحياء، وهو ظاهر، ولا تحجر لأنه إنما يكون بفعل الفاعل، وامتداد العروق لا فعل له فيه، ولو فرضنا أنه أثر فعله لكان ثبوت الملك أو الحق لصاحب الأرض مانعا من إحيائها وتحجرها. وقد تقرر أنه لا يجوز إحياء (٢) ما


(١) انظر " المغني " (٨/ ١٥٧ - ١٥٨).
(٢) انظر " الحاوي الكبير " (٩/ ٣٥٤). " المغني " (٨/ ١٥٦ - ١٥٧).