للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحدود هي نوع من هذا، لأن أهل كل حد يحمي حده من غيره ويقاتل دونه، مع أنه خال عن المصلحة الكائنة في الحمى في بعض الحالات، لأن الحمى قد يكون خيل الجهاد كما فعله النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في احتمائه للنقيع، فانه أخراج أحمد (١) من حديث ابن عمر"أن النبي- صلى الله عليه وآهل وسلم-حمى النقيع للخيل خيل المسلمين".

وأخرج البخاري (٢) عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر احتمى لذلك، وهكذا الآن، فان بعض أهل البلدان قد يجتمع رأيهم على أن يمنعوا رعاتهم من بعض المواضع المختضة بهم، ويسمون ذلك محجرا، ويجعلونه ذخرا لهم إذا أجدبت أرضهم فهذا وإن كان مخالفا للشريعة المطهرة لكنه لا ينشامنه ما ينشا من الحدود من الفتن الكبار.

الوجه الرابع: أنه قد ثبت عن- صلىالله عليه وآله وسلم- أنه قال: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له"أخرجه ............................


(١) في"مسنده"رقم (٥٦٥٥ - شاكر) باسناد صحيح.
(٢) في صحيحه رقم (٣٠٥٩).قلت: وأخرجه أبو عبيد في"الأموال" (ص٢٧٤رقم٧٤١) والبيهقي في"السنن الكبرى" (٦/ ١٤٦، ١٤٧) و"المعرفة" (٩/ ١٤، ١٥رقم١٢١٩٧) البغوي (٨/ ٢٧٣، ٢٧٤، ٢١٩١) ومالل في"الموطأ" (٢/ ١٠٠٣رقم١) عن زيد بن أسلم عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مول له يدعى هنيا على الحمى فقال: يا هنى اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المسلمين فان دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف ونعمابن عفان، فانهما إن تهلك ما شيتهما يرجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتى ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين. أفتاركهم أنا؟ لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق. وأيم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتم، إنها لبلادهم، فقاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا".