للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هل يصحُّ الاستدلالُ به على دفعِ الضرار في الأملاك؟ إن قلتُم: لا، فظاهر الحديث يدلُّ عليه، وإن قلتُم: نعم، ففيه إشكالٌ، لأنه من رواية الباقرِ عن سمرة، وقد ذكرتُم في شرح المنتقى (١) ما لفظُه: وفي سماع الباقرِ من سمرةَ نظرٌ، فقد نُقِلَ بينَ مولدهِ ووفات سمرة ما يتعذَّر معه سماعه انتهى. فلم يبقَ حجةً.

وثانيًا: أن سياقَ القصةِ من حيثُ قولُه: في حائط رجلٍ من الأنصار، يحتملُ أن سمرةَ لم يكن مالكًا في الأصل، وإنما لعله شَرَى الأشجارَ فقط، أو غارسَهُ الأنصاريُّ بعضَ حائطهِ، فجعل ذلك ذريعةً إلى مُضَارَرَةِ مالك الأصل ففاوضَه النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، ولما لم يمتثلْ قضى له بما يستحقُّه، وكافأه النقصَ عقوبةً له بما وقع منه من المخالفة، وعدم الامتثال.

وثالثًا: أنها واقعةُ عينٍ لا عمومَ لها، فَتُوقَفُ في محلِّها، ثم إنه دعوى الضرارِ في الأملاك بعد القسمةِ التي شُرِعَتْ لدفع ذلك، ولم يُرَخَّصْ فيها بحال، بل وجبت ولو بالمهاباةِ، يعود على الفرضِ من شرعيَّتها [١أ] بالبطلان. والملكُ في الجملة متحقّقٌ قبل القسمة وبعدَها مُلِكَتِ الأنصباءُ ملكًا لا خروجَ له إلاَّ فطنته نفسٌ محقِّقةٍ.

ولا يصحُّ القياس على حديث سَمُرةَ على فرض صلاحيتِه للاحتجاج، وإن كانت العلَّةُ منصوصةً وهي الضِّرار لوجوده في كل من الشريكين.

أما غير الساكن فلأنه لفقرِه وحاجته الماسَّةِ إلى ثمن نصيبه محتاجٌ، ولم يجدْ من يشتري نصيبَه بسبب الشركةِ، ولا حاجةَ له إلى سكونه وتعليقه، أو سكونِ الأمر يؤدي إلى الإهمال المقتضي للأعمال، فيلزمُهُ قصدُهُ من إغرام الجصِّ، والقصَّاصِ، والتطيينِ، ونحوِ ذلك.

وأما الساكنُ فمن حيثُ كونُ خروجِه من ملكه يضرُّ به، أما لو [ ... ] (٢) ولكن ثمن


(١) (٣/ ٨٠١).
(٢) كلمة غير مقروءة.