للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على اعتبار الرضى المقتضى للإجبار والتغريم في الغالب، بل أَمَرَ بقلعِ النخلِ. فسبيلُ من أراد العملَ بهذا الدليل الأمرُ بالهدمِ، أو البَيْعِ.

وأما الإجبارُ على البيع فغيرُ ظاهرٍ، ولا مجدٍ للقطع بأنه لا يكفرُ (١) من قال كلمةَ الكفر وهو مطمئنٌ بالإيمان، والله تعالى يقول: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} (٢) وعن حنيفةَ الرَّقاشي عن النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أنه قال: لا يحلُّ مالُ امرئ مسلمٍ إلاَّ بطيبةِ نفسٍ منه" رواه أبو داودَ (٣)، وعلى تسليم أن سمرةَ كان مالكًا في الأصل، فهل مجرَّدُ أمرِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بقلع النخلِ أبطلَ الملكَ، أم وقع الشراء، أم أُهْدِر أم ماذا وقع؟ وهذه المسألةُ ذكرها المؤيدُ بالله في شرح البحر (٤)، ولفظه: مسألة: قال: فلو أن رجلاً كان له نصيبٌ في جُرْبَةٍ، أو عبدٍ، واضْطُرَّ إلى بيعه، وكان لا يُشْتَرَى نصيبُه منفردًا حُكِمَ على شركائه بابتياع نصيبه منهم، أو بيعِ حِصَصِهم معه. هذا قولُ يحيى، وغن كان له وجهٌ في النظر فإني لا أقولُ به، لأني لا أعرفُه لأحدٍ قبلَه، ولا آمنُ أن يكون خارجًا عن الإجماع، فإن كان له قائلٌ ولم يكن خارجًا عن الإجماع فوجهُهُ من النظر أن يقالَ إنه إجبارٌ لبعض الشركاء على المعاوضة على ما يملكونَ على سبيل الشركةِ توخِّيًا للصلاح من حيثُ لا ضررَ فيه، فأشبه القسمةَ، فوجبَ أن يلزمَ الحكمُ به كما يلزمُ الحكمُ بالقسمة. ألا ترى أن إزالة الشركة لا ضررَ فيها دليلُه الشُّفعةُ (٥)؛ فإنها موضوعةٌ لدفع ضررِ المشاركةِ والمجاورة انتهى.

فالمطلوبُ الكلامُ على هذه المسألةِ، وما يُشْكِلُ في المقام، وما يدفعُ ما يردُّ على الحديث ـ كثر الله فوائدكم ـ آمينَ.


(١) تقدم توضيح ذلك مرارًا.
(٢) [النساء: ٢٩].
(٣) وهو حديث صحيح. تقدم.
(٤) (٤/ ٩٦ - ٩٧).
(٥) انظر الرسالة رقم (١١٦).