للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنواعه التوبة للشيخ، فإنها شرك عظيم، ومن أنواعه النذر لغير الله، والتوكل على غير الله، والعمل لغير الله، والإنابة والخضوع والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من عند غير الله، وإضافة نعمه إلى غيره. ومن أنواعه طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فضلا لمن استغاث به، أو سأله قضاء حاجته، أو سأله أن يشفع له إلى الله فيها، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإن الله تعالى لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والله لم يجعل استعانته وسؤاله سببا لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد، فجاء هذا المشرك بسبب يمنع الإذن، وهو بمنزلة من استعان في حاجته بما يمنع حصولها، وهذا حال كل مشرك. والميت محتاج إلى من يدعو له، ويترحم عليه، ويستغفر له كما أوصانا (١) النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم، ونسأل الله لهم العافية والمغفرة، فعكس المشركون هذا، وزارهم زيارة العبادة في قضاء الحوائج والاستعانة بهم، وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد، وسموا قصدها حجا، واتخذوا عندها الوقفة، وحلق الرءوس، فجعلوا بين الشرك بالمعبود وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى التنقص بالأموات، وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك، وأولياء الموحدين المخلصين له الذين لم يشركوا به شيئا بذمهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص؛ إذ ظنوا [٤٦] أنهم راضون منهم بهذا، وأنهم أمروهم به، وهؤلاء أعداء الرسل في كل زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم. ولله در خليله إبراهيم حيث يقول:} واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس {(٢)


(١) (منها) ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٠٤/ ٩٧٥) والنسائي رقم (٢٠٤٠) وابن ماجه رقم (١٥٤٧) والبغوي في " شرح السنة " رقم (١٥٥٥) وأحمد (٥/ ٣٥٣، ٣٦٠) من حديث بريدة، رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية" وهو حديث صحيح.
(٢) [إبراهيم:٣٥ - ٣٦].