للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الخطابي (١): المُفترُ كلُ شرابٍ يورث الفتورَ والخدَرَ في الأعضاء، قال في القاموس (٢): فتَر يفتِرُ فتورًا وفُتارى سكن بعد حدّة ولان بعد شدّة، وفتّره تفتيرًا، وفتر الماءُ سكَن حرُّه فهو فاتر وفاتور، وجسمُه فتورًا: لانت مفاصلُه وضعُف، والفَتَرُ محركةً الضعْف، قال: والفُتار كغراب: ابتداءُ النشْوة، وطرفٌ فاترٌ: ليس بحاد النظر، قال: وأفتر: ضعُفت جفونُه، وانكسر طرفُه، والشرابُ فترَ شاربُه. انتهى.

وعطفُ المُفْتر على المُسكر يدل على أنه غيرُه، لأن العطفَ يقتضي المُغايَرةَ، قال ابنُ رسلانَ (٣): فيجوز حملُ المُسكرِ على الذي فيه شدْةٌ مطْرِبةٌ وهو محرمٌ يجب فيه الحدُّ، ويُحمل المُفتِرُ على النبات كالحشيش الذي يتعاطاه السِّفْلةُ. وقد نقل الرافعيُّ والنَّووي (٤) في باب الأطمعة عن الرُّوياني أن النبات الذي يُسكر وليس فيه شدةٌ مطربةٌ يحْرُم [أكله] (٥) ولا حدَّ فيه.

[(حكمُ البَنْج والزَّعفران والجوَز الهندي)]

قال ابنُ رسلان (٦): يقال: إن الزعفرانَ يُسكِر إذا استُعمل مفردًا بخلاف ما إذا استُهلك في الطعام، وكذا البنجُ شربُ القليل من مائة يُزيل العقْل وهو حرامٌ إذا زال العقلُ لكن لا حدَّ فيه ... انتهى.

وإذا ثبت أن الزعفرانَ مسكرٌ (٧) إذا استُعمل مفردًا كما ذكره فيحرُم استعمالُه مخلوطًا


(١) في "معالم السنن" (٤/ ٩٠).
(٢) (٥٨٣ - ٥٨٤).
(٣) عزاه إليه الآبادي في "عون المعبود" (١٠/ ٩٢).
(٤) في شرحه "لصحيح مسلم" (١٣/ ١٤٩).
(٥) في (أ) كله.
(٦) عزاه إليه الآبادي في "عون المعبود" (١٠/ ٩٢).
(٧) قال علي بن العباس إمام الفن بلا نزاع قال في كامل الصناعة في الباب السابع والثلاثين: الزعفران حار يابس لطيف مجفف تجفيفًا مع قبض يسير، ولذلك صار يدر البول وفيه قوة منضحة وينفع أورام الأعضاء الباطنة إذا شرب وضمد به من خارج ويفتح السدد التي في الكبد أو في العروق ويقوي جميع الأعضاء الباطنة وينفذ الأدوية التي يخلط بها إلى جميع البدن.
وقال محمد شمس الحق العظيم آبادي في "عون المعبود" (١٠/ ١٠٥) وقد سألت غير مرة من أدركنا من الطباء الحذاق صاحب التجربة والعلم والفهم، فكلهم اتفقوا على أنّه لا يسكر مفردًا.