للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدُك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسم، وأصلّي وأسلّمُ على رسولك، وآل رسولك.

وبعدُ:

فإنه وقع السؤالُ من بعض أهل العلم ـ كثر الله فوائدهم ـ على التحلي بالذهب للرجال، وهل يجوز تخصيص الأدلة الواردة في المنع من التحلي بالذهب لما ورد من أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كان في قبيعةِ سيفيهِ ذهبٌ وفضَّةٌ، فيكون ذلك دليلاً على جواز تحليلة السلاح بالذهب، كالسيف، والجنبية، ونحوهما أم لا يجوز التخصيصُ بمثل ذلك بالنسبة إلى أمّته ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بل هو خاصّ به؟.

وأقول: الجوابُ عن ذلك ينحصر في وجوه:

الأول: الكلامُ على حديث أبي موسى الأشعري، وما ورد في معناه أنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قال في الذهب والحرير: "هذان حرامٌ على ذكور أمتي" أخرجه الترمذيّ (١)، والنسائيّ (٢)، وأحمد (٣) والطبراني (٤)، ولفظ الترمذيّ: "حُرّم لباسُ الذهب والحرير على ذكور أمتي، وأُحِلّ لإناثهم" وقال: صحيح، وقد أعلّه أبو حاتم (٥) بأنه من طريق سعيد بن أبي هند عن أبي موسى ولم يَلْقَهُ.

وقد رواه أيضًا عن سعيدٍ ابنُه عبدُ الله، ونافع، واختُلِفَ على نافع، فرواه أيوبُ وعبيد الله بن عمر العمري عن نافع، عن سعيد، عن أبي موسى، ورواه عبد الله بنُ عمر العمريّ عنه، عن سعيد، عن رجل، عن أبي موسى، وقال ابنُ حبّان في صحيحه (٦): حديثُ سعيد بن أبي هند عن أبي، عن أبي موسى معلولٌ لا يصحُّ، ولكنه يؤيدُ الحديثَ الذي رواه الدارقطني في العلل (٧) عن يحيى بن سليمِ، عن عبيد الله بن عمرَ العمري، عن نافع، عن ابن عمر، وأيضًا فقد وافق الترمذيّ على تصحيحه الحافظُ ابن حزم (٨) مع أنه لم يقف على كتاب الترمذي ولا عَرِفَهُ.


(١) في "السنن" رقم (١٧٢٠) وقال: حديث حسن صحيح.
(٢) "السنن" (٨/ ١٩٠).
(٣) في "المسند" (٤/ ٣٩٤، ٤٠٧).
(٤) لم أجده في "المعجم الكبير" من حديث أبي موسى.
(٥) في كتاب "المراسيل" (ص٧٥). وهو حديث صحيح بشواهده.
(٦) (١٢/ ٢٥٠).
(٧) (٧/ ٢٤١ - ٢٤٢).
(٨) في "المحلى" (٤/ ٣٧).
قلت: وأخرجه الطيالسي في "المسند" رقم (٥٠٦) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٧٥) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٥١). وهو حديث صحيح.