للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

إياك نعبد، وإياك نستعين، أحمدك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولك.

وبعد:

فإنه وصل إلى الفقير محمد بن علي الشوكاني - غفر الله لهما - سؤال من سيدي السيد العلامة الرئيس الفهامة شرف الدين بن أحمد بن محمد بن الحسين (١) - كثر الله فوائده - حاصله: هل ثم دليل يدل على وجوب إجابة أحد الخصمين إلى حاكم خارج عن المحل الذي يسكنه الخصم الآخر المطلوب؟ فأجبت بجواب لم يكن أصله محفوظًا لدي، وحاصله أن الإجابة إلى الشريعة المطهرة واجبة على كل مسلم، فمن دعا خصمه إلى قاض من القضاة الذين يعرفون حكم الله في تلك الخصومة، ويتمكنون من الحكم بما أمر الله بالحكم به في محكم كتابه، فإنه أمر رسله وسائر عباده بالحكم بما أنزل، وبالعدل وبالقسط، وبما أراهم الله، وجب عليه إجابته. ومعلوم أنه لا يعرف ذلك إلا من يعرف ما أنزل الله في كتابه وعلى لسان رسوله؛ فإن ذلك هو الشريعة المحمدية، وجميع ما يحصل من المسائل الشرعية بالمقايسة الصحيحة هو من جملة ما تناوله الكتاب أو السنة بتلك الواسطة، وكذلك ما كان من المسائل بدليل فحوى الخطاب (٢) أو لحنه (٣)،


(١) ابن عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين بن الإمام شرف الدين أمير كوكبان وبلادها.
ولد في ربيع الآخر سنة ١١٥٩هـ.
قال الشوكاني في " البدر الطالع " رقم (١٩٣): وقد كاتبني غير مرة، وذاكرني في مسائل ونصحته فأظهر القبول ولم يفعل. كانت وفاته سنة ١٢٤١هـ.
" نيل الوطر " (١/ ١٥٨).
(٢) المفهوم ينقسم إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة. فمفهوم الموافقة حيث يكون المسكوت عنه موافقًا للملفوظ به، فإن كان أولى بالحكم من المنطوق به فيسمى فحوى الخطاب.
وإن كان مساويًا له فيسمى لحن الخطاب.
وقال الماوردي والروياني في الفرق بين فحوى الخطاب ولحن الخطاب وجهين:
أحدهما: أن الفحوى ما نبه عليه اللفظ، واللحن ما لاح في ثنايا اللفظ.
وثانيهما: أن الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه، واللحن ما دل على مثله.
" إرشاد الفحول " (ص٥٨٩)، " البحر المحيط " (٤/ ٨).
مثال: فحوى الخطاب: كدلالة تحريم التأفف على تحريم الضرب؛ لأنه أشد، فتحريم الضرب من قوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} [الإسراء: ٢٣]. من باب التنبيه بالأدنى - وهو التأفيف - على الأعلى وهو الضرب.
مثال: لحن الخطاب: تحريم إحراق مال اليتيم الدال عليه قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} [النساء: ١٠]. فالإحراق مساوٍ للأكل بواسطة الإتلاف في الصورتين.
انظر " الكوكب المنير " (٣/ ٤٨٢)، " المستصفى " (٣/ ٤١١ - ٤١٢).
(٣) المفهوم ينقسم إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة. فمفهوم الموافقة حيث يكون المسكوت عنه موافقًا للملفوظ به، فإن كان أولى بالحكم من المنطوق به فيسمى فحوى الخطاب.
وإن كان مساويًا له فيسمى لحن الخطاب.
وقال الماوردي والروياني في الفرق بين فحوى الخطاب ولحن الخطاب وجهين:
أحدهما: أن الفحوى ما نبه عليه اللفظ، واللحن ما لاح في ثنايا اللفظ.
وثانيهما: أن الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه، واللحن ما دل على مثله.
" إرشاد الفحول " (ص٥٨٩)، " البحر المحيط " (٤/ ٨).
مثال: فحوى الخطاب: كدلالة تحريم التأفف على تحريم الضرب؛ لأنه أشد، فتحريم الضرب من قوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} [الإسراء: ٢٣]. من باب التنبيه بالأدنى - وهو التأفيف - على الأعلى وهو الضرب.
مثال: لحن الخطاب: تحريم إحراق مال اليتيم الدال عليه قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} [النساء: ١٠]. فالإحراق مساوٍ للأكل بواسطة الإتلاف في الصورتين.
انظر " الكوكب المنير " (٣/ ٤٨٢)، " المستصفى " (٣/ ٤١١ - ٤١٢).