للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضرنا؛ فإن الله - سبحانه وتعالى - قال في هذه الآية الكريمة: {إنما كان قول المؤمنين} ولم يقل: إنما كان قول اليهودي، ولا قال: إنما كان قول المنافق، وهذا القول منسوب إلى جميع المؤمنين كما يفيد ذلك الألف واللام التعريفية، أو الموصولية على اختلاف [٥ب] الرأيين كما تقرر ذلك في علم النحو وعلم المعاني، وانهدام الجمعية، ومصير الصيغة جنسية شاملة محيطة كما هو معروف في علم المعاني أيضًا (١)، فيكون ذلك في قوة إنما كان قول كل مؤمن إذا دعي إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقول: سمعنا وأطعنا.

وأما دعوى أن الدعاء إلى غير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ليس كالدعاء إليه، فهذا مسلم، لكن بالنسبة إلى الحاكم لا بالنسبة إلى المحكوم به، فإنا نعلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لو وزن بجميع أمته لوزنها ورجح عليها، ونعلم أن الحكم المذكور في الآية الكريمة ليس هو مطلق الحكم على أي وجه كان وبأي صفة وقع، بل المراد الحكم بالشريعة المطهرة. وقد بلَّغه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلينا كما أمره ربه - عز وجل - ولم يكتم علينا شيئًا مما أوحى إليه، بل قال الله - عز وجل -: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (٢).

وقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فيما صح عنه: " تركتكم على


(١) انظر " مغني اللبيب " (١/ ٥٠ - ٥٣).
(٢) [المائدة: ٣].