للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أقسم بالعلم، وعلم بالقلم فأظهر أفراد الأفكار العقلية في صور النقوش الخطية، ومعاني الحروف العلمية النقطية، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد النبي الأمي القائل: «العلم أحد اللسانين»، وعلى آله بدور الدجى، وورثة الحكمة، المنزهين عن كل شين ومين، وعلى أصحابه نجوم الهداية، ومصابيح الرواية، والتابعين لهم بإحسان، فهم حماة الشريعة عن كل منكر ودين، فالمسؤول من مولانا شيخ الإسلام، ومحيي شريعة سيد الأنام، عالم الدين بالاتفاق، وناشر ألوية الدين في جميع الآفاق محمد بن علي الشوكاني - أمتع الله بحياته، وأدام إفاداته، وأعاد علينا من بركاته، ونفعنا بدعواته، وشملنا بمودته - وسلام على الله وتحياته ورحمته وبركاته، الإفادة بما يختاره ويرتضيه في العمل بالخط، وجوازه، فلا يخفى حصول الاختلاف، وميل كل من المفرعين إلى ما ظهر له، فهم بين مثبت للعمل به، وناف. ومنهم من أقام الدليل على مدعاه، ومنهم من جعل تجويز التحرير والتحريف علة المنع في مرماه.

وأما إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري - رضي الله عنه - فأورد في صحيحه (١) ما يشفي الغليل، ويهدي إلى سواء السبيل، ولكن في بعض الروايات ما يدل على التقييد بالإشهاد، وفي بعضها الإطلاق، فالمطلوب من مولاي - متع الله بحياته - الإيضاح لما يختاره، فهو نقاد الشريعة الباهر، وبحرها الزاخر الذي عمت بركته الأوائل والأواخر - أطال الله تعالى للمسلمين في عمره -[ ... ] (٢) سئل عنه وأنطق به، وأنظر إليه بجد ملء المسامع والأفواه والمقل، وهل يلزمه مثل ذلك فيما جرى به عادة كثير من الناس، بينما كبراء أهل البوادي، فإنه قد غلب عليهم الاكتفاء بخطوطهم في مثل إقرار أو وصية، وربما وقع التنازع في حياة الكاتب على نفسه أو بعد موته، وهو الأغلب، فهل يعمل بمجرد


(١) انظر " فتح الباري " (١٣/ ١٤٠).
(٢) كلمة غير مقروءة.