للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا يأذن به الله معاملة الوصية الشرعية، والنذر الحقيقي، وهو في معاملته هذا شبيه بمن يسمي الخمر ماء يشربه، أو يسمي الحرام حلالاً ثم يأكله، والكلام في هذا يطول.

وأما ما سأل عنه - كثر الله فوائده - من الصور التي يرقمونها على أصل، ويجعلونه في الاحتجاج به بمثابة الأصل فلا شك ولا ريب أنه إذا كان بخط ثقة معروف الحال، مثبتًا فيما يكتبه، متحريًا فيما ينقله، فهو مقبول. لكن إذا تطرق الاحتمال بوجه [٤أ] من الوجوه ثم يحل العمل به على ما قدمناه في الحجج القوية إذا تطرق إليها الاحتمال، وقد وقفنا من هذا على عجائب وغرائب يقع في الأصل زيادات دقيقة معماة بوجه من وجوه التعمية تتفق على كثير فيمن لم يكن متثبتًا، وقد يكون الكاتب رقيق الدين فيواطئه من أراد نقل تلك الصورة على جعل فيكتب ويتعامى عن التغيير والزيادة والنقصان، ويكتب أن ذلك الفرع كالأصل بلا زيادة ولا نقصان، ثم يذهب إلى الثقة من القضاة والعلماء فيجعلون على ذلك خطوطهم، ويحتج على خصمه بهم، وهم لم يطلعوا على الأصل، بل قد لا يمرون نظرهم على الصورة، فمن هذه الحيثية لم أقتنع عند التخاصم بمجرد الصورة، بل أطلب الأصل الذي تغلب عليه تلك الصورة، فإن امتنع إحضار الأصل، فذلك لعلة تنكشف بإحضار الأصل، وكذلك إذا ادعى أن الأصل قد ضاع عليه فهو لعله هذا في الغالب، ولا شك عندي أن فعل المثبت الثقة ظاهره الصحة، ولكن مع الاحتمال لا يحل أن يجعل الصورة مستندًا حتى يظهر أصلها، أو يرجع الحاكم إلى القرائن التي يستفاد منها الصحة، أو ما يقاربها؛ ليكون الحاكم على بصيرة يبرئ بها ذمته، ويسلم من الخطاب. ولا شك أن التثبت مع الاحتمال واجب على الحاكم.

أما ما يطلب الأصل أو بالنظر إلى ما يدل على مستند الحكم وإلا كان جازمًا في محل الاحتمال، وذلك خطأ بين بالاتفاق بين أهل العلم في كل ما يتطرق إليه الاحتمال، وهذه قضية مقررة محررة متفق عليها في جميع العلوم الشرعية عند جميع أهلها. قال في الأصل: كتبه: محمد الشوكاني - غفر الله له - انتهى [٤ب].