للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله الطاهرين، وصحبه الأكرمين.

[السعي في طلب الرزق]

أعلم أن كثيرًا من القاصرين يعتقد أن من طلب ما يقوم بما يغنيه ومن يعول، ودخل في الأسباب التي يتحصل منها ذلك، خارج عن طريقة الصالحين مخالف لهدي المرسلين، مباين لمسلم الزاهدين، وهذا وهم عظيم، وجهل كبير، فإنه قد طلب ذلك سيد الأنبياء- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وسأل ربه الغنى كما في الصحيحين (١) وغيرهما (٢) أنه كان يقول: " اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف والغنى ".

والأحاديث في هذا كثيرة جدًا. وامتن الله سبحانه عليه بالغنى فقال: {ووجدك عائلا فأغنى} (٣).


(١) بل أخرجه مسلم رقم (٧٢/ ٢٧٢١) ولم يخرجه البخاري في صحيحه بل أخرجه في " الأدب المفرد " رقم (٦٧٤).
(٢) كأحمد (١/ ٤١١، ٤١٦، ٤٣٧) وابن حبان في صحيحه رقم (٩٠٠) والترمذي رقم (٣٤٨٩) وابن ماجه رقم (٣٨٣٢) من طرق. من حديث ابن مسعود.
وهو حديث صحيح.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٧/ ٤١): أما العفاف فهو التنزه عما لا يباح والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم.
(٣) [الضحى: ٨].
قال ابن كثير في تفسيره (٨/ ٤٢٧): أي كنت فقيرًا ذا عيال، فأغناك الله عمن سواه، فجمع له بين مقامي، الفقير الصابر والغني الشاكر، صلوات الله وسلامه عليه.
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (٦٤٤٦) ومسلم رقم (١٠٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ".
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٠٥٤) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه ".