للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني الحكم.

الخامس: أنه قد ذكر في كلامه هذا - كثر الله فوائده - ما كان في تأمله دفع ما أورده، وهو ما أشار إليه من الاختلاف في تأخر المقيد عن المطلق، فإنهم قد أحالوا الكلام في الإطلاق والتقييد على الكلام في التعميم والتخصيص، في جميع الأحكام المتفق عليها، والمختلف فيها.

ومن جملة ما صرحوا به في مباحث التخصيص هو التخصيص (١) بالمفهوم، فكان عليه - عافاه الله - أن يتنبه لهذا حتى يعلم أن كلام المجيب لو كان محتملاً لكان حمله على ما يصح أولى من حمله على ما يبطل.

قال - كثر الله فوائده -: نعم. قد يحمل المطلق على التقييد مع اختلاف حكمهما (٢) ... إلخ.

أقول: هذا منه تجريد للنظر إلى أحكام المنطوق، وإغماض عن حكم المفهوم بالمرة، وإلا فمعلوم أن مثل: " في الغنم السائمة زكاة " (٣)، ومثل: " لا زكاة في المعلوفة "، وإن كان الحكم المنطوق به مختلفًا، لكن لا زكاة في المعلوفة وجوب الزكاة في غير المعلوفة وصف عدم وجوب الزكاة في غير السائمة فلو كان أحد المنطوقين أعم من أحد المفهومين أو العكس أو كان أحدهما مطلقًا والآخر مقيدًا لم يمتنع البناء ولا الحمل وهذا إنما هو مجرد إيضاح وتصوير فلا يشترط تطبيقه على محل النزاع، ومع هذا فقد صرح أهل الأصول بما هو أعم مما ذكره من تخصيص ذلك بما إذا كان المطلق مترتبًا على المقيد، فإنهم قالوا إن اقتضى المطلق لأمر ينافيه حكم المقيد إلا عند تقييده بضده مسوغ لتقييده


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص٥٢٨ - ٥٢٩، ص٥٩٦)، " البحر المحيط " (٣/ ٣٨١).
(٢) تقدم ذكره.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (١٤٥٤) وأبو داود رقم (١٥٦٧) والنسائي (٥/ ١٨ - ٢٣ رقم ٢٤٤٧) من حديث أنس.
ناقش الشوكاني هذا الموضوع مفصلاً في " إرشاد الفحول " (٤٥٠، ٤٩٣، ٥٩٦، ٥٩٧).