ويعرف رضاؤهم: بعدم الإنكار مع الاشتهار، وعدم ظهور حامل لهم على السكوت وكونه من المسائل الاجتهادية. ولا سيما وأن الظن بالمجتهدين أنهم لا يحجمون عن إبداء رأيهم إظهارا للحق، وإن لقوا من جراء ذلك العنت والضيق. انظر: " حجية الإجماع " (ص ١٧٣)، " المسودة " (ص٣٣٤ - ٣٣٥)، " البحر المحيط " (٤/ ٤٩٤). (٢) وفيه مذاهب: منها: أنه ليس بإجماع ولا حجة قاله داود الظاهري والمرتضى وعزاه القاضي إلى الشافعي وقال: إنه آخر أقوال الشافعي وقال الغزالي والرازي والآمدي إنه نص الشافعي في الجديد وقال الجويني إنه ظاهر مذهبه. انظر: " المنخول " (٣١٨)، " المحصول " (٤/ ١٥٣)، " البرهان " (١/ ٤٩٩). ومنها: أنه إجماع وحجة من الشافعية وجماعة من أهل الأصول. انظر مزيد تفصيل: " إرشاد الفحول " (ص ٣١١)، " المنخول " (ص ٣١٨). ومنها: أنه حجة وليس إجماعا قاله أبو حاتم وهو أحد الوجهين عند الشافعية. انظر: " البحر المحيط " (٤/ ٣٩٣). ومنها: أنه إجماع بشرط انقراض العصر لأنه يبعد مع ذلك أن يكون السكوت لا عن رضا، وبه قال أبو علي الجبائي وأحمد في رواية عنه، وقال الرافعي: إنه أصح الأوجه عند أصحاب الشافعي. انظر: " اللمع " (ص ٤٩)، " البحر المحيط " (٤/ ٤٩٤). ومنها: أنه إجماع إن كان فتيا لا حكم وبه قال ابن أبي هريرة وحكاه عنه الشيخ أبو إسحاق والماوردي والرافعي وابن السمعاني والآمدي " الإحكام " للآمدي (١/ ٣١٢ - ٣١٣) " المحصول " (٤/ ١٥٧). ومنها: أنه إجماع إن كان صادرا عن حكم لا إن كان صادرا عن فتيا قاله أبو إسحاق المروزي " البحر المحيط " (٤/ ٥٠٠). ومنها: أنه إن وقع في شيء يفوت استدراكه من إراقة دم أو استباحة فرج كان إجماعا وإلا فهو حجة .... " البحر المحيط " (٤/ ٥٠٠). ومنها: إن كان الساكتون أقل كان إجماعا وإلا فلا قاله أبو بكر الرازي. " البحر المحيط " (٤/ ٥٠١). ومنها: إن كان في عصر الصحابة كان إجماعا وإلا فلا، قال الماوردي في " الحاوي " والروياني في " البحر ": إن كان في عصر الصحابة فإذا قال الواحد منهم قولا أو حكم به فأمسك الباقون فهذان ضربان: أحدهما: مما يفوت استدراكه كإراقة دم أو استباحة فرج فيكون إجماعا لأنهم لو اعتقدوا خلافه لأنكروه إذ لا يصح منهم أن يتفقوا على ترك إنكار المنكر. وإن كان مما لا يفوت استدراكه كان حجة لأن الحق لا يخرج عن غيرهم وفي كونه إجماعا يمنع الاجتهاد وجهان لأصحابنا: أحدهما: يكون إجماعا لا يسوغ معه الاجتهاد. والثاني: لا يكون إجماعا سواء كان القول فتيا أو حكما على الصحيح. ومنها: أن ذلك إن كان مما يدوم ويتكرر وقوعه والخوض فيه فإنه يكون السكوت إجماعا وبه قال إمام الحرمين البحر المحيط (٤/ ٥٠١). ومنها: أنه إجماع بشرط إفادة القرائن العلم بالرضا، وذلك بأن يوجد من قرائن الأحوال ما يدل على رضا الساكتين بذلك القول " المستصفى " (٢/ ٣٦٥). ومنها ما يكون حجة قبل استقرار المذاهب لا بعدها فإنه لا أثر للسكوت لما تقرر عند أهل المذهب من عدم إنكار بعضهم على بعض إذا أفتى أو حكم بمذهبه مع مخالفته لمذاهب غيره. النظر: " البحر المحيط " (٤/ ٥٠٤)، " البرهان " (١/ ٧١٥ - ٧١٦). * وخلاصة هذه الأقوال أنه إجماع وحجة، وانظر قول المذهب الثاني وهو الراجح والله أعلم.