للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع كتب السير والتواريخ، مذكورة للاحتجاج بها عند كل طائفة، وفي كل مذهب بمجرد وجود لفظ فيه نكارة قد تركه الرواة جميعا إلا الشاذ على فرض صحة ما زعمه الجلال من ورود ذلك! فإن الذي يتعين هاهنا هو ترك ذلك اللفظ المنكر وطرحه من القصة [٤ب] المتواترة. وأما ما جعله علة لها توجب إظلامها واطراح حجتها فلست أظن هذا مراء لتلميذنا - كثر الله فوائده - فإنه لا يخفى عليه مثل هذا، وهو أجل من أن يصير إليه، أو يتعلل به أو يعترض بمثله، ولو كان هذا صحيحا لكان من أعظم المفاسد على الشريعة، فإنه لا يعجز الزنادقة والمبتدعة وأعداء الإسلام أن يعمدوا إلى الأحاديث الصحيحة، والقصص المتواترة فيزيدون عليها لفظا منكرا، ويتوصلون بذلك إلى إبطال ما أرادوا إبطاله، وهذا لا يقول به مصنف، أو يصير إليه عالم.

وما الجلال حتى تقع في التعصب لتصحيح باطله في هذه المهاوي! فإن مثل هذا لا يحسن في تأويل كلام المعصوم فضلا عن غيره، وأما ما في الرواية المذكورة من قول عمر: أرى وجه رجل لا يفضح رجلا من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فليس في هذا من الإيهام لذلك الشاهد، والرغبة في كتمه الشهادة شيء، هذا على أن هذا اللفظ ثبت من طريق صحيحة (١)، وبهذا يعرف تلميذنا - عافاه الله - ما في قوله: فيعود على التنزيه بالإبطال. وما ذكره - كثر الله فوائده - من المناقشة في دعوى التواتر فنقول عليه - عافاه الله - أن يبحث كتب السير، ثم كتب التاريخ المرتبة على السنين،


(١) قال الحافظ في التلخيص (٤/ ١١٨ رقم ٢٠٦٩) قوله: " إن عمر عرض لزياد بالتوقف في الشهادة على المغيرة، قال: أرى وجه رجل لا يفضح رجلا من أصحاب رسول الله، روي ذلك في هذه القصة من طرق بمعناه.
منها: رواية البلاذري عن وهب بن بقية عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد.
انظر: " فتوح البلدان " (٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤)، " فتح الباري " (٥/ ٣٠١ - ٣٠٣).
ومنها: رواية عبد الرزاق في مصنفه (٧/ ٣٨٤ رقم ١٣٥٦٦) عن الثوري، عن سليمان التيمي عن أبي عثمان الهندي قال: شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة ... إلخ.