للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاما لوجوب تخصيصُه بفرضِ الأبوين والزوجينِ (١)، لأن الأقلَّ مقيَّدٌ بوجود الولد والأكثرَ بعدمِ الولدِ، فهو خاصٌّ في الأحوالِ، والخاصُّ مقدَّمٌ على العامِّ كما عَلِمَ.

وإذا ثبتَ أنْ لا عمومَ للمطلق (٢) فهو صادقٌ في ضمن مقيَّدٍ ما، وهو ما خلا [حالة] (٣) مزاحمةِ فروض الأبوينِ والزوجينِ مقيدٌ المعارضةَ للمطلقِ، وإلا لزمَ مخالفةَ أصلينِ متفقٍ عليهما:

أحدهما: أن الاجتهادَ إنما يصح في مقابلةِ الظواهرِ [٦أ] بتأويلها وتخصيصِها وتقييدِها بالقياس ونحوه، وأما النصوص الصرائح التي لا تحتملُ تخصيصًا ولا تقييدًا ولا تأويلًا فلا يصحُّ فيها الاجتهادُ.

ثانيهما: أن المقيَّد هو المقدمُ على المطلقِ، وقد عكسَ الأمرين مَنْ قالَ بالعولِ فأخرج السدسَ والرُّبُعَ والثُّمنَ ونحوَهما التي هي نصوصٌ صريحةٌ لا تحتملُ غيرَ معنى واحدٍ من معانيها وقدم المطلقَ على المقيَّد مع أن دلالةَ المقيدِ على مدلوله أقوى من دلالة المطلقِ على ذلك المقيَّد. ولهذا يجب تخصيصُ العامِّ بالخاصِّ إن اختلفَ حكمُهما، ويُحْملُ المطلقُ على المقيَّد إنِ اتَّفق حكمُهُما (٤) والقائل بالعولِ قد زاغَ عن الثبوت على جبال هذه القواعد الرسيةِ. وحينئذ يجبُ أن يَستوفي الأبوانِ والزوجانِ فرضَهُما في محلِّهما، وما بقي كان لأقرب فرعٍ تعصيبًا لا فرضًا؛ إذ لا مانعَ من أن يكونَ بعضُ الورثةِ ذا فرضٍ على تقدير وعصَبَةً على آخر كما في الأب والجدِّ فإنهما ذو فرض مع الأولاد، وعصَبَةٌ مع غيرهم، فيجب أن يكون البناتُ كذلك ذواتِ فرضٍ عند انفاردهنَّ مع الأبوينِ والزوجينِ وعصَبَاتٍ معَهما كما يكنَّ عصباتٌ مع إخوتهنَّ، والأخواتُ أيضًا


(١) تقدم. انظر: آيات المواريث.
(٢) تقدم مرارًا.
(٣) زيادة من "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٤٤).
(٤) تقدم ذلك مفصلًا