تسقطُ إما بانتفاء الكلالة التي فرضَها فيها بوجود الجدِّ، وإما لأنهما وإن استويا في أنَّ كلًّا منهما وارثٌ بواسطةِ الأبِ فللجدِّ مزيةٌ، الأصالة والولادةِ، وبها ورثَ مع الأولادِ كما قلنا في الأمِّ. انتهى.
أقول: أما ما ادَّعاه من انتفاء الكلالة مع الجدِّ فالجواب عنه كالجواب المتقدم في المسألةِ التي قبلَ هذه. ويالله للعجبُ كيف يحكم المصنفُ وغيرُه من النافينَ للعول بأن الأختَ لأبوين أو لأبٍ ترثُ مع الأم والجدِّ! ولم يلتفتوا إلى اشتراط الكلالةِ فلما أرادوا نفيَ العول وأعْوَزَهُم الحالُ صرَّحوا بأن الكلالةِ، شرط في ميراث الأخت المذكورة فإن كان ميراثها تارة مشروطًا بالكلالة وتارة غيرَ مشروطٍ فما هو الذي اقتضى هذه التفرقةَ والتحكُّمَ والتلاعُبَ بالأدلةِ المصرحة في الكتاب والسنةِ وإن كانت الكلالةُ شرطًا في ميراثِ الأخواتِ فما بالُهم أهملوا هذا الشرطَ في غير باب العولِ وإن كانت ليست بشرط مطلقًا، فما هذه الدَّعاوي الباردةِ المخالفة [١٣أ] للثابت في الشريعة، وأعجبُ من هذا ما ذكره من مزيةِ الجدِّ فإن كانت هذه المزيةُ مؤثرةٌ في الميراثِ إثباتًا ونفيًا فما الدليلُ على ذلك؟ فما قد سمعنا عن عالم من علماء الإسلام، أنه يثبتُ الأحكام الشرعية بمثل هذه الخيالاتِ المختلَّةِ فضلًا عن أن يبطُلَ بها حكمًا ثابتًا في كتاب الله، أو سنة رسوله. ورحم الله هذا العلامةَ فلقد كان قدوة في الإنصافِ وفي التقيد بالدليل، ولكنه يوقعُ نفسه في كثير من المعاركِ فلا يخرُجُ منها إلا وقد جنى على الكتابِ والسنة جنايةً عظيمةً، ومحبةُ الإغراب والتفرُّدِ لا تأتي إلا بمثل هذا.