للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفسرين (١)، وأنت تعلم أنه تصريح منه بأن الغلظة المأمور بها تكون في الأقوال والأفعال، وهو الإمام الذي جعل استعماله بمنزلة روايته، وصرح أيضًا في تفسير: {عليها ملائكة غلاظ شداد} (٢) فقال ما لفظه (٣): في إجرامهم غلظة وشدة؛ أي: جفاء وقوة، أو في أفعالهم جفاء وخشونة لا يأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله والغضب له، والانتقام من أعدائه انتهى.

قال: وأتى بكلام مسجع منمق إلى آخر البحث.

أقول: إذا كانت العزة من أوصاف المؤمنين، والذلة من أوصاف الكفار، كما في غير هذه الآية، فإجبار اليهود على ملازمة هذه الصفة التي أخبر الله بها جائز، ومنع المسلمين عن الأمور التي تقدح في العزة جائز، فكيف قلت: ليس الجواب مطلقًا للسؤال! وما ذنب المجيب إن لم يفهم غيره ما أراده.

قال: ودندن [٧] حول ما أراد إلى آخر البحث.

أقول: قوله فمن أين لنا الدليل من الحديث على إجبار اليهود بعد أن سلم أن خبر في معنى الأمر من العجائب، فإنا إذا أمرنا بجعل الإسلام عاليًا، ونهينا عن أن يكون شيء عاليًا عليه، ففي تنزيه الكفار عن هذه المهنة الخبيثة مع وقوع المسلمين فيه إعلاءً لهم على المسلمين ظاهر، وهو منهي عنه، ومأمور بخلافه، كيف لا يكون في الحديث دلالة على المطلوب!.

قال: ومراده أن أهل الإسلام إلى آخر البحث.

أقول: قد بينت في رسالتي (٤) وجه الدلالة فقلت ما لفظه: وفحوى الخطاب ولحنه قاضيان إلى آخر ما هناك، فانظر إلى قول المعترض كيف جعل الأمر باضطرار اليهود


(١) (٣/ ٦٨): سورة التوبة. الآية (٧٣).
(٢) [التحريم: ٦].
(٣) أي الزمخشري في "الكشاف" (٦/ ١٦١).
(٤) الرسالة رقم (١٦٦).