للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكا الاتفاق ابن الحاجب (١) على إلغائه.

قوله: وأمر اليهود بعد تسليم فقد الأدلة مناسب مرسل ملائم ينظر من أي أقسام الملائم المرسل هو، هل مما علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في غير الحكم، أو جنسه في غير جنس الحكم؟ على أن ملائم (٢) المرسل فيه الخلاف، وكذلك المرسل بأقسامه أيضا، على أن المناسبة تنخرم بلزوم مفسدة راجحة، أو مساوية، فلو قيل: إن المصلحة في التقاط المسلمين الأزبال مرجوحة، وفي إجبار اليهود على ذلك راجحة.

قلت: لو لم يلزم من ذلك نقض العهد بالزيادة على ما عوهدوا عليه.

قال: الدليل الخامس عشر: هب أنه لا دليل يدل على الحتم ففي حديث: "لأن يهدي الله بك رجل [١٧] " (٣) دليل على جواز الإجبار بل على الندب.

أقول: لا يدل هذا الحديث على أكثر من الندب على ترغيب المسلم في ترك التقاط الأزبال، إذ الهداية إنما هي للمسلم، وهي تامة من دون إجبار اليهود على أن الذمي المؤدي للجزية المعاهد بعهد من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليها، فقط الواقف عند الحد الذي نص عليه ولا وجه لإجباره على حمل العذرة، سيما والمفعول لأجله وهو الحمام أمر مباح يتوصل به إلى محظور، وهو خول النساء الحمام، وخضب الكفين والرجلين من الكهل والغلام، وقد عرفت أنه جاء في الحديث: "لعن الله داخلات الحمام" أخرجه الديلمي (٤).


(١) تقدم ذكره.
(٢) تقدم ذكره، انظر: "إرشاد الفحول" (ص٢٢٢)، "البحر المحيط" (٥/ ٢١٥).
(٣) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(٤) لم أجده. ولكن قد وردت في الحمامات روايات غالبها الضعف وفيها ما هو في رتبة الحسن.
(منها): ما أخرجه أبو داود رقم (٤٠٠٩) والترمذي رقم (٢٨٠٢) وقال: إسناده ليس بالقائم وابن ماجه رقم (٣٧٤٩) وأحمد (٦/ ١٧٩).
من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن دخل الحمامات، ثم رخص للرجال أن يدخلوها في الميازر، وهو حديث ضعيف.
قال الألباني في "غاية المرام" رقم (١٩١): وذلك لأن أبا عذرة هذا لا يعرف.
وقال ابن المديني: مجهول. كما في "الميزان" وقال الحفاظ في "التقريب" مجهول ووهم من قال: له صحبة، وذكر المنذري في "المختصر" (١/ ٨٩) عن أبي بكر بن حازم أنه قال: لا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وأبو عذرة غير مشهور.
(ومنها): ما أخرجه أبو داود رقم (٤٠١١) وابن ماجه رقم (٣٧٤٨) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنها ستفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتا يقال لها: الحمامات، فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء". وهو حديث ضعيف.
قال الألباني في "غاية المرام" (١٩٢) وهذا إسناد ضعيف، ابن رافع هو التنوخي المصري، قاضي أفريقية، ضعيف كما في "التقريب" ومثله الراوي عنه ابن أنعم الإفريقي قاضيها، قال الحافظ: ضعيف في حفظه.
(ومنها): ما أخرجه أبو داود رقم (٤٠١٠) والترمذي رقم (٢٨٠٣) وقال: هذا حديث حسن، وابن ماجه رقم (٣٧٥٠) عن أبي المليح، قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت: ممن أنتن؟ قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة - المدينة والصقع - التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم. قالت: أما إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى". وهو حديث حسن.
(ومنها): وما أخرجه النسائي (١/ ١٩٨) والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٢٨٨) وأحمد (٣/ ٣٣٩) من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها خمر" قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.
لكن تابعه طاووس، أخرجه الترمذي رقم (٢٨٠١) من طريق ليث بن أبي سليم عنه به، وقال: حديث حسن غريب.
وقد حسنه الألباني في "غاية المرام" رقم (١٩٠).